• أن في خلفاء بني العباس من له جهود متميزة في إظهار الإسلام والسنة، ولاسيما في العصر العباسي الأول، كالمهدي والرشيد والمتوكل، كما أن في الخلفاء المتأخرين من يشاركهم في ذلك، أمثال المعتضد والمقتدي بأمر الله والمستضيء بأمر الله.
وأما الخليفة القادر بالله - وإن كان متأخراً- فإن جهوده في إقامة دين الله تعالى، والذب عن السنة تلحقه بهؤلاء المتقدمين، فقد أقام الشروط العمرية، وأظهر مذهب السنة، واستتاب المبتدعة، وهتك أستار العبيديين.
• تميز الخليفة القادر بالله بخصال قلما تجتمع في سائر الخلفاء، فقد كان عابداً زاهداً، عالماً فقيهاً، مقسطاً مهيباً، عاش ستة وثمانين عاماً، ولم يعمر أحد من الخلفاء قبله ولا بعده، مكث من ذلك خليفة إحدى وأربعين سنة، وهذا ما لم يسبقه أحد إليه -كما سبق بيانه-
• أن إقامة دين الله تعالى، وإظهار السنة سبب في حصول التمكين في الأرض، وتحقق الاستقرار (١)، والخليفة القادر بالله لما أقام الإسلام وأظهر السنة، واستتاب المبتدعة، كان ذلك سبباً بيّناً في ظهور نفوذه، واستقرار خلافته، وتحقق هيبته.
• تتجلى حكمة القادر بالله وفقهه ودرايته بالمصالح والمفاسد، ومعرفته بمراتب الشرور، ومن ذلك أن المعتزلة لما اشتهر أمرهم في عصره، عمد إلى منعهم من التدريس والمناظرات، واستتابهم ..
لكن ذلك لم يمنع الخليفة القادر أن يجري على الاصطخري المعتزلي جرايةً سنية لأجل ما كتبه في الردّ على الباطنية، فلا يخفى البون الشاسع بين زندقة الباطنية وبدعة المعتزلة، فالباطنية مرتدون خارجون على الملة، وهم أكفر من اليهود والنصارى، بخلاف المعتزلة فإنهم بالجملة من أهل القبلة.
(١). انظر: الفرقان بين الحق والباطل (مجموع الفتاوى) ١٣/ ١٧٧، ١٧٨، ومجموع الفتاوى ٢٨/ ٦٤٠.