للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من المعتزلة والرافضة ونحوهم. (١) "

والمقصود أن استتابة المخالفين من الآثار المباشرة والعملية للاعتقاد القادري.

٤ - احتفى الخليفة القائم بأمر الله بن الخليفة القادر بالله بهذا الاعتقاد، حتى أن ابن الجوزي نسبه إليه، فسماه: الاعتقاد القادري والقائمي (٢) ، ومن ذلك الاهتمام: أن الخليفة القائم أمر بقراءة الاعتقاد القادري، حيث أخرجه سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، فقريء في ديوان الخلافة، وحضر العلماء، وكتبوا أن هذا اعتقاد المسلمين، ومن خالفه فقد فسق وكفر. (٣)

فلم يقتصر على مجرد قراءته وإقرار العلماء به، بل أضيف إلى ذلك أن من خالف هذا الاعتقاد، ليس مسلماً، بل هو فاسق كافر..

٥ - كان لهذا الاعتقاد أثره البيّن في مدافعة ما أظهر من البدع، ومن ذلك أثره في قمع بدعة الاعتزال سنة ستين وأربعمائة، وذلك أن ابن الوليد المعتزلي (٤) عزم على إظهار المعتزلة، وحرّضه على ذلك جماعة من أهل مذهبه، فبادر جمع من الفقهاء وأهل الحديث بالقدوم على الخليفة القائم بالله، وسألوه إخراج الاعتقاد القادري وقراءته، فأجيبوا وقريء هذا الاعتقاد بمحضر من الجميع، واتفقوا - ومعهم الخليفة - على لعن من خالفه وتكفيره.

ثم قريء الاعتقاد مرة أخرى، وحضره الخاص والعام. (٥)

٦ - احتج أئمة الحنابلة بهذا الاعتقاد في أكثر من واقعة، فالقاضي ابن أبي يعلي (٦) لما قرر مذهب الحنابلة في صفات الله تعالى - وهو الإيمان بما وصف الله تعالى به نفسه، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تعطيل ولا تمثيل - احتج بالاعتقاد القادري قائلاً:

"وما ذكرناه من الإيمان بأخبار الصفات، هو قول السلف بدءاً وعوداً، وهو الذي ذكره أمير المؤمنين القادر - رضوان الله عليه - في الرسالة القادرية قال فيها: "ما وصف الله سبحانه به نفسه، أو وصفه به رسول - صلى الله عليه وسلم -، فهو صفات الله عز وجل، على حقيقته، لا على سبيل المجاز؛" وعلى هذا الاعتقاد جمع أمير المؤمنين القائم بأمر الله -رضوان الله عليه - من


(١) . الصواعق المرسلة ٤/١٢٨٦، انظر: الدرء لابن تيمية ٦/٢٥٢.
(٢) . انظر: المنتظم ١٦/١٠٦.
(٣) . انظر: المنتظم ١٥/٢٧٩، والصفدية ٢/١٦٢، والبداية ١٢/٤٩.
(٤) . أبو علي بن الوليد، من شيوخ المعتزلة، كان مدرّساً لهم، فأنكر أهل السنة عليه، فلزم بيته حتى توفي سنة ٤٧٨هـ.
انظر: البداية ١٢/١٢٩، وشذرات الذهب ٣/٣٦٣.
(٥) . انظر: المنتظم ١٦/١٠٦، والبداية ١٢/٩٦، وذيل طبقات الحنابلة ١٢/٩٦.
(٦) . هو محمد بن محمد بن الحسين الغراء، ولد سنة ٤٥١هـ، برع في الفقه، وأفتى وناظر، له تصانيف كثيرة، توفي مقتولاً سنة ٥٢٦هـ.
انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب ١/١٧٦، وسير أعلام النبلاء ١٩/٦٠١.

<<  <   >  >>