للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كان حبسه الواثق ممن امتنع من القول بخلق القرآن، كما أمر بإنزال جثة أحمد بن نصر الخزاعي، ودفعه إلى أوليائه (١).

كما أمر المتوكل على الله بضرب رجل من أعيان بغداد؛ لأنه شتم أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة ، فضُرب بالسياط حتى هلك، ثم رمي به في نهر دجلة. (٢).

وقتل المتوكل رجلاً كان نصرانياً فأسلم، ومكث سنين كثيرة، ثم ارتد فاستتيب، فأبى الرجوع إلى الإسلام، فضربت عنقه (٣).

ولما ظهر شخص يزعم أنه ذو القرنين ويدّعي النبوة، أمر المتوكل بضربه بالسياط، فضرب ضرباً شديداً، فمات من بعد ضربه ذلك (٤).

ولما توفي المتوكل، رؤي في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قيل له: بماذا؟ قال: بقليل من السنة أحييتها (٥).

وبالنظر في جهود هؤلاء الخلفاء الثلاثة (المهدي والرشيد والمتوكل) نلحظ أنها جهود ظاهرة قوية، ومساعي جليلة في سبيل الإسلام والسنة، ومع أن خلفاء بني العبّاس المتأخرين لهم جهودهم في هذا المجال، إلا أنها لا تبلغ درجة أولئك الخلفاء السابقين في العصر العباسي الأول.

فالمعتضد (٦) مثلاً يُحمد على ما قام به إزالة سنة المجوس، وإبطال ما يُفعل في عيد النيروز من إيقاد النار، وصب الماء على الناس (٧).

كما نهى الطرقية والمنجمين ونحوهم من الجلوس في المساجد والطرقات، ونهى عن بيع كتب الكلام والفلسفة والجدل بين الناس (٨).

وأما المقتدي بأمر الله (٩)

فقد أحسن بإحيائه شعيرة الأمر بالمعروف في جميع البلدان، وإلزام أهل الذمة بلبس الغيار، وكسر آلات الملاهي، وإراقة الخمور، وإخراج أهل الفساد من البلاد (١٠).

وكذا الخليفة المستضيئ بأمر الله (١١) "كان من خيار الخلفاء، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، مزيلاً عن الناس المكوسات والضرائب، ومبطلاً للبدع والمصائب. (١٢) "


(١). انظر: المنتظم ١١/ ٢٥١، وسير أعلام النبلاء ١٢/ ٣٦، والبداية لابن كثير ١٠/ ٣١٦.
(٢). انظر: تاريخ الطبري ٩/ ٢٠١، والمنتظم ١١/ ٢٨٣، والبداية ١٠/ ٣٢٣.
(٣). انظر: تاريخ الطبري ٩/ ٢٠٧، والمنتظم ١١/ ٢٩٦.
(٤). انظر: تاريخ الطبري ٩/ ١٧٥، والكامل ٧/ ٥٠، والمنتظم ١١/ ٢٢٣، والبداية ١٠/ ٣١٤.
(٥). انظر: تاريخ بغداد ٧/ ١٧٠، ١٧١، والبداية ١٠/ ٣٥١.
(٦). هو أبو العباس أحمد بن الموفق بالله بن المتوكل، ولد سنة ٢٤٢ هـ، كان ملكاً مهيباً شجاعاً، حارب الزنج ونشر العدل، توفي سنة ٢٨٩ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء ١٣/ ٤٦٣، وتاريخ بغداد ٤/ ٤٠٣.
(٧). انظر: تاريخ الطبري ١٠/ ٣٩، ٥٣، وتاريخ الإسلام للذهبي ٢١/ ٧.
(٨). انظر: المنتظم ١٢/ ٣٠٥، والبداية ١١/ ٦٤.
(٩). هو أبو القاسم عبيد الله بن ذخيرة الدين بن القائم بأمر الله بن القادر بأمر الله، كان حسن السيرة فقد أزال المنكرات، توفي سنة ٤٧٨ هـ.

انظر: سير أعلام النبلاء ١٨/ ٣١٨، وشذرات الذهب ٣/ ٣٨٠.
(١٠). انظر: المنتظم ١٦/ ١٦٦، والكامل ١٠/ ٢٣، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٣١٨، وابن كثير ١٢/ ١٣٧.
(١١). هو أبو محمد الحسن بن يوسف المستنجد بن المقتفي، ولد سنة ٥٣٦ هـ، وولي الخلافة سنة ٥٦٦ هـ، كان من خيار الخلفاء، وكان عادلاً كريماً، توفي سنة ٥٧٥ هـ.
انظر: البداية ١٢/ ٣٠٤، شذرات الذهب ٤/ ٢٥١.
(١٢). البداية لابن كثير ١٢/ ٣٠٤.

<<  <   >  >>