فَأَسْلَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَاهُ، [وَكَانَ] شَيْخًا كَبِيرًا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
مِنْ رَاكِبٍ نَحْوَ الْمَدِينَةِ سَالِمًا ... حَتَّى يُبَلِّغَ مَا أَقُولَ الأَصْيَدَا
إِنَّ الْبَنِينَ شِرَارُهُمْ أَمْثَالُهُمْ ... مَنْ عَقَّ وَالِدَهُ وَبَرَّ الأَبْعَدَا
أَتَرَكْتَ دِينَ أَبِيكَ وَالشَّمَّ الْعُلَى ... أَوْدَوْا وَتَابَعْتَ الْغَدَاةَ مُحَمَّدَا
فَلأَيِّ أمرٍ يَا بُنَيَّ عَقَقْتَنِي ... وَتَرَكْتَنِي شَيْخًا كَبِيرًا مُفْنِدَا
أَمَّا النَّهَارُ فَدَمْعُ عَيْنِي ساكبٌ ... وَأَبِيتُ لَيْلِي كَالسَّلِيمِ مُسْهِدَا
فَلَعَلَّ رَبًّا قَدْ هَدَاكَ لِدِينِهِ ... فَاشْكُرْ أَيَادِيَهُ عَسَى أَنْ تَرْشُدَا
وَاكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا أَصَبْتَ مِنَ الْهُدَى ... وَبِدِينِهِ لا تَتْرُكَنِّي مُوَحَّدَا
وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ إِنْ قَطَعْتَ قَرَابَتِي ... وَعَقَقْتَنِي لَمْ أَلْفَ إِلا لِلْعِدَى
فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَ أَبِيهِ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، وَاسْتَأْذَنَهُ فِي جَوَابِهِ، فَأَذِنَ لَهُ، وَكَتَبَ:
إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بقدرةٍ ... حَتَّى عَلا فِي مُلْكِهِ فَتَوَحَّدَا
بعث الذي لا مثله فيما مَضَى ... يَدْعُو لِرَحْمَتِهِ النَّبِيَّ مُحَمَّدَا
ضَخْمَ الدَّسِيعَةِ كَالْغَزَالَةِ وَجْهُهُ ... قَرْنًا تَأَزَّرَ بِالْمَكَارِمِ وَارْتَدَى
فَدَعَا الْعِبَادَ لِدِينِهِ فَتَتَابَعُوا ... طَوْعًا وَكَرْهًا مُقْبِلِينَ عَلَى الْهُدَى
وَتَخَوَّفُوا النَّارَ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا ... كَانَ الشَّقِيَّ الْخَاسِرَ الْمُتَلَدِّدَا
وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ ميتٌ ومحاسبٌ ... فَإِلَى مَتَى هَذِي الضَّلالَةِ وَالرِّدَى
فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَ ابْنِهِ، أَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ.
كَذَا فِي النُّسْخَةِ الَّتِي نقلنا منها: فإلى من هذي الضلالة، [و] في