٢٢- وجدت على ظهر كتاب عبد العزيز بن أحمد بن الفرج الأحمري: نا أبو بكر أحمد بن الحسن بن هارون الضاحي، نا العباس بن محمد الأنصاري الأشهلي، حدثني قبيصة أبو حاتم المنجم، قال:
قال الأصبغ: قيل لي: إن ببادية بني سليم رجلاً مجنونا ينطق بالحكمة ويقول الشعر فسألتهم: بم يعرف؟ فقالوا: بأبي الخطاب.
قال: فأتيته، فألفيته جالساً على تل رملٍ بين المنازل والمقابر، وهو مفترشٌ خده ببطن كفيه كالمحزون، وهو يقول: هذه قصورهم، وهذه قبورهم.
قال: فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته أبا الخطاب. فقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، من أنت رحمك الله؟ فقلت: من إخوانك المسلمين.
⦗٣٥⦘
فقال: سلام إيمانٍ، وتلاوة للقرآن، ومحبة للمسلمين في السر والإعلان؟ قلت: أجل. فقال: يا أخي، فخالل أهل التقوى، وجانب أهل الردى، وارض عن الله عز وجل، يرض عنك في الآخرة والأولى، ثم قال: يا حبذا لو أذن له في قبول ما وعظ به ثم أنشأ يقول:
وما همي لهذا اليوم إني ... لهذا اليوم مضطلعٌ خبير
ولكن بعده يومٌ فظيعٌ ... يروع من مخافته الكبير
خروج النفس فيه عن محل ... به كانت تحل وتستجير
إلى يوم القيامة ليس نومٌ ... لخوف وروده شاب الصغير
قال: ثم اندفن في ذلك الرمل، فلم أره بقية يومي ذلك.