محمد بن يحيى: وهو الذهلي، تقدم ذكره. إسماعيل بن الخليل: وهو إسماعيل بن الخليل الخَزَّاز، أبو عبد الله الكوفي، ثقة، روى عن حفص بن غياث وعبد الرحيم بن سليمان الكناني وعلي بن مسهر، وروى عنه البخاري ومسلم والذهلي والفسوي. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٣/ ٨٣)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (١/ ٢٩٤)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ١٠٧ رقم ٤٤١)]. علي بن مسهر: وهو علي بن مُسْهِر القُرَشيّ، أبو الحسن الكوفي، قال الحافظ ابن حجر: «ثقة، له غرائب بعد أن أضر»، قلت: وعمدة ابن حجر في ذلك قول أحمد: «أما علي بن مسهر فلا أدري كيف أقول»، ثم قال: «إن علي بن مسهر كان قد ذهب بصره وكان يحدثهم من حفظه» [العقيلي، الضعفاء، ط ١، (٣/ ٢٥١)]، وهذه العبارة فهم منها الحافظ أن له غرائب، وعلي بن مسهر وثقه أحمد [العلل، ط ١، (١/ ٣٨١) (٧٤٢)] وابن معين [التاريخ رواية ابن محرز، ط ١، (١/ ٩٦)] والدارقطني [السلمي، السؤالات، ط ١، (ص ٢٥٨، ٢٥٩) (٢٨٥)] وغيرهم، ويُعْتَقَدُ أن وَسْمَهُ بالخطأ أحيانا أولى؛ إذ الإغراب مظنة عدم الضبط، والعلم عند الله تعالى، روى عن ابن أبي عروبة والأعمش وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد الأنصاري، وروى عنه إسماعيل بن الخليل وعلي ابن حُجْر وهناد بن السري وابن أبي شيبة. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢١/ ١٣٥)، ابن حجر، تهذيب التهذيب، ط ١، (٧/ ٣٨٣)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٤٠٥ رقم ٤٨٠٠)]. الأعمش: وهو سليمان بن مهران، تقدم ذكره. أبو رزين: وهو مسعود بن مالك الأسدي، أبو رَزِين الكوفي، مولى أبي وائل الأسدي وهو غير مسعود بن مالك بن معبد الأسدي مولى سعيد بن جبير، وكذلك هو غير أبي رزين عبيد المقتول في زمن عبيد الله بن زياد، ثقة، روى عن ابن عباس ومعاذ ابن جبل وابن أم مكتوم وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة رضي الله عنهم، وروى عنه الأعمش وعطاء بن السائب ومنصور بن المعتمر والزبير ابن عدي الهمداني. [المزي، تهذيب الكمال، ط ١، (٢٧/ ٤٧٧)، تهذيب التهذيب، ط ١، (١٠/ ١١٨)، تقريب التهذيب، ط ١، (ص ٥٢٨ رقم ٦٦١٢)]. أبو صالح: وهو ذكوان السمان، تقدم ذكره. أبو هريرة: رضي الله عنه وأرضاه، تقدم ذكره. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، وأما لفظة «فليرقه»، فهي شاذة، كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
التخريج: أخرجه مسلم في الصحيح (كتاب الطهارة-باب حكم ولوغ الكلب-١/ ٢٣٤ - ح ٢٧٩)، من طريق عليِّ بنِ مُسْهِر به، بمثله. وقال الدارقطني: «إسناده حسن، ورواته كلهم ثقات» [الدارقطني، السنن، ط ١، (١/ ١٠٤)] وأخرجه مسلم في الصحيح كذلك (كتاب الطهارة-باب حكم ولوغ الكلب-١/ ٢٣٤ - ح ٢٧٩ م)، عن محمد بن الصباح، عن إسماعيل بن زكريا، عن الأعمش، بمثله، وليس فيه: «فَلْيُرِقْهُ». وانظر الحديث السابق. قلت: وهذه إشارة -والله أعلم- من الإمام مسلم إلى شذوذ هذه الرواية؛ حيث ذكر الرواية التي ليس فيها اللفظة بعد ذكر رواية علي بن مسهر، ثم أتبعها بالروايات التي ليس فيها هذه اللفظة، وقد أشار غير واحد إلى تفرد علي بن مسهر عن الأعمش بهذه الرواية؛ قال النسائي: «لا أعلم أحدا تابع علي بن مسهر على قوله: (فَلْيُرِقْهُ)» [السنن، ط ١، (١/ ٥٣)]، وقال ابن عبد البر: «أما هذا اللفظ في حديث الأعمش (فليهرقه) فلم يذكره أصحاب الأعمش الثقات الحفاظ مثل: شعبة وغيره» [ابن عبد البر، التمهيد، ط ١، (١٨/ ٢٧٣)]، وَقَالَ حمزة الكتاني: «إنها غير محفوظة»، وقال ابن مَنْدَه: «لا تُعْرَفُ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بِوَجْهٍ مِنَ الوجوه إلا عن عَلِيِّ بنِ مُسْهِرٍ بهذا الإسناد». [انظر: ابن الملقن، البدر المنير، ط ١، (١/ ٥٤٥)]. وتعقب ابن الملقن، قائلا: «ولا يضرُّ تفرُّدُه بها؛ فإن عليَّ بنَ مسهر إمام حافظ، متفق على عدالته والاحتجاج به، ولهذا قال -بعد تخريجه لها- الدارقطنيُّ: (إسنادها حسن، ورواتها ثقات)، وأخرجها إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة في صحيحه، ولفظه: (فليهرقه)» [البدر المنير، ط ١، (١/ ٥٤٥، ٥٤٦)]، قلت: وتبويب أبي عوانة في المسند (١/ ١٧٦) مُشْعِرٌ بذلك، حيث أورد حديثه في باب: «صفة تطهير الإناء إذا وَلَغَ فيه الكلبُ، وإيجابُ إهراقِ ما فيه». وكذا تعقبه العراقي، فقال: «وهذا غير قادح فيه، فإن زيادة الثقة مقبولة عند أكثر العلماء من الفقهاء، والأصوليين والمحدثين، وعلي بن مسهر قد وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، والعجلي وغيرهم، وهو أحد الحفاظ الذين احتج بهم الشيخان، وما علمت أحدا تكلم فيه فلا يَضُرُّهُ تَفَرُّدُهُ به». [العراقي، طرح التثريب، ط ١، (٢/ ١٢١، ١٢٢)]. قلت: وقبول زيادة الثقة هو قول أكثر الفقهاء، لكن الصواب -والعلم عند الله تعالى- التفصيل والترجيح بالقرائن، وهي طريقة كبار الأئمة المحدثين، كالقطان وابن مهدي وابن المديني وابن حنبل وابن معين وغيرهم؛ قال العلائي: «وأما أئمة الحديث فالمتقدمون منهم كيحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي، ومن بعدهما كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وهذه الطبقة، وكذلك مَن بعدهم كالبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين ومسلم والنسائي والترمذي وأمثالهم، ثم الدارقطني والخليلي؛ كلُّ هؤلاء يقتضي تصرُّفُهم من الزيادة قبولاً ورداً: الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند الواحد منهم في كل حديث، ولا يحكمون في المسألة بحكم كلي يعمُّ جميعَ الأحاديثِ، وهذا هو الحقُّ الصواب» [العلائي، نظم الفرائد، ط ١، (ص ٣٧٦، ٣٧٧)]. وقال ابن حجر: «والذي يجري على قواعد المحدثين أنهم لا يحكمون عليه بحكم مستقل من القبول والرد، بل يرجحون بالقرائن كما قدمناه في مسألة تعارض الوصل والإرسال». [ابن حجر، النكت، ط ١، (٢/ ٦٨٧)]. وقد تفرَّد عليُّ بنُ مُسْهِر بهذه اللفظة عن الأعمش، وخالفه كلُّ مَنْ رَوَى هذا الحديث عن الأعمش؛ وقد روى هذا الحديث جماعةٌ، ولم يذكروا زيادة: «فليرقه»، ومنهم: إسماعيل بن زكريا الخُلْقَانِيّ عند مسلم في الصحيح (كتاب الطهارة-باب حكم ولوغ الكلب-١/ ٢٣٤ - ح ٢٧٩ م). شعبة بن الحجاج عند أحمد في المسند (١٦/ ١٦٤، ١٦٥) (ح ١٠٢٢١)، وشعبة مِنْ أثبت الناس في الأعمش. أبو معاوية، محمد بن خازم الضرير عند أحمد في المسند (١٢/ ٤١٥) (ح ٧٤٤٧) والنسائي في الكبرى (كتاب الزينة-باب كراهية المشي في نعل واحدة-٨/ ٤٦٢ - ح ٩٧١٢) وابن ماجه في السنن (كتاب الطهارة وسننها-باب غسل الإناء من ولوغ الكلب-١/ ١٣٠ - ح ٣٦٣)، وأبو معاوية من أثبت الناس في الأعمش؛ وقد سئل يحيى بن معين: «(من أثبت أصحاب الأعمش؟) قال: (بعد سفيان وشعبة: أبو معاوية)»، وسئل: «أيما أعجب إليك في الأعمش عيسى بن يونس أو حفص بن غياث أو أبو معاوية؟، فقال: أبو معاوية» [ابن شاهين، تاريخ أسماء الثقات، ط ١، (ص ٢١١) (١٢٧٣)]، وقال أحمد بن حنبل: «كان أبو معاوية إذا سئل عن أحاديث الأعمش يقول: (قد صار حديث الأعمش في فمي علقماً -أو هو أمرُّ من العلقم-)؛ لكثرة ما تردد عليه حديث الأعمش» [أحمد، العلل، ط ١، (١/ ١٩٢) (٦٨٨)]، و «قال له شعبة: (يا أبا معاوية، سمعت حديث كذا وكذا من الأعمش؟) قال: نعم. فقال شعبة: (هذا صاحب الأعمش، فاعرفوه)» [ابن شاهين، تاريخ أسماء الثقات، ط ١، (ص ٢١١) (١٢٧٣)]، وقال أبو معاوية عن نفسه: «البصراء كانوا عليَّ عيالاً عند الأعمش». [الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ط ١، (٣/ ١٣٤)]، وقال أحمد بن حنبل: «أبو معاوية من أثبت أصحاب الأعمش، قيل له: مثل سفيان؟، قال: لا، سفيان في طبقة أخرى، إن أبا معاوية يخطئ في أحاديث مِنْ أحاديث الأعمش» [الخلال، المنتخب من علل الخلال، ط ١، (ص ٢٧٤) (٢٨٤)]. وأما ما نقل عن الإمام أحمد بن حنبل، أن قال: «علي بن مسهر أثبت من أبي معاوية الضرير في الحديث». [أحمد، العلل، ط ١، (١/ ٣٨١) (٧٤٢)]، فالمقصود به عموم الرواية لا خصوص الرواية عن الأعمش؛ وذلك لتقديم أحمد له في الرواة عن الأعمش، وقال أيضا: «أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها حفظا جيدا» [أحمد، العلل، ط ١، (١/ ٣٧٨) (٧٢٦)] عبد الواحد بن زياد العبدي البصري عند البزار في المسند (١٧/ ١١٣) (ح ٩٦٨٥) والدارقطني في السنن (كتاب الطهارة-باب ولوغ الكلب في الإناء-١/ ١٠٤ - ح ١٨١) أبو أسامة، حماد بن أسامة عند ابن أبي شيبة في المصنف (كتاب الرد على أبي حنيفة-باب مسألة غسل ما ولغ فيه الكلب-٧/ ٢٩٧ - ح ٣٦٢٤٣). حفص بن غياث عند الطحاوي في شرح المعاني (كتاب الطهارة-باب سؤر الكلب-١/ ٢١ - ح ٦٤). جرير بن عبد الحميد الضَّبِيّ عند إسحاق بن راهويه في المسند (١/ ٢٨٣) (ح ٢٥٦) عبد الرحمن بن حميد الرُّؤَاسِيّ عند الطبراني في المعجم الصغير (١/ ١٦٤) (ح ٢٥٦) أبان بن تغلب الربعي، أبو سعد الكوفي القاري عند البزار في المسند (١٧/ ١١٣) (ح ٩٦٨٦). بالإضافة إلى أن جماعة من الثقات رووا الحديث عن أبي هريرة من غير طريق الأعمش، وليس فيه هذه الزيادة، انظر الحديث السابق والذي قبله عند المصنف. فيظهر جليا بالقرائن ترجيح رواية الجماعة بدون لفظة «فليرقه»، وأنها هي المحفوظة، وأن هذه الزيادة شاذة كما حكم بذلك جماعة، كما سبق، والعلم عند الله تعالى. وقد ورد الأمر بالإراقة من كلام أبي هريرة؛ قال ابن حجر: «قد ورد الأمر بالإراقة أيضا من طريق عطاء عن أبي هريرة مرفوعا، أخرجه ابن عدي لكن في رفعه نظر، والصحيح أنه موقوف، وكذا ذكر الإراقة حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة موقوفا، وإسناده صحيح أخرجه الدارقطنيُّ وغيرُه». [ابن حجر، الفتح، ط ١، (١/ ٢٧٥)]. قلت: وابن عدي عدَّ هذه الروايةَ من منكرات الحسين الكرابيسي عن إسحاق الأزرق، ولفظ الحديث: «إذا وَلَغَ الكلبُ في إناء أحدكم فليهْرِقْه وليغسلْه ثلاثَ مراتٍ»، وقد تصحفت كلمة «أبي هريرة» إلى «الزهري»، وقد وردت هكذا في مطبوعات الكامل كلها، وكذا في نسخة الظاهرية (مخطوط، ٢/ق ٩٨/ب) وأحمد الثالث (مخطوط، ١/ق ٢٧١/أ)، وهي كذلك في نقل الحافظ ابن حجر! عن ابن عدي [لسان الميزان، ط ١، (٣/ ١٩٦)]، إلا أن ابن الجوزي ذكر إسناد ابن عدي: «عن عطاء عن أبي هريرة»، هكذا [ابن الجوزي، العلل المتناهية، ط ١، (١/ ٣٣٣) (٥٤٤)]، وذكره ابن القيسراني [ذخيرة الحفاظ، ط ١، (١/ ٣٧٢)] نقلا عن ابن عدي كذلك على الصواب، وقد أخرجه الدارقطني في السنن (كتاب الطهارة-باب ولوغ الكلب في الإناء-١/ ١٠٩ - ح ١٩٦) من طريق أسباط بن محمد وإسحاق الأزرق، كلاهما عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، عن عطاء عن أبي هريرة، قال: «إذا ولغ الكلب في الإناء فأهرقه ثم اغسله ثلاث مرات»، ثم قال الدارقطني: «هذا موقوف، ولم يروه هكذا غير عبد الملك، عن عطاء، والله أعلم»، وأخرجه الطحاوي في شرح المعاني (كتاب الطهارة-باب سؤر الكلب-١/ ٢٣ - ح ٧٤)، عن عبد السلام بن حرب الملائي، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن أبي هريرة، به موقوفا. وقال الدارقطني: «وخالفهم عطاء بن أبي رباح فرواه عن أبي هريرة، أنه يغسل ثلاثا، ولم يرفعه. قاله عبد الملك بن أبي سليمان». [الدارقطني، العلل، ط ١، (٨/ ١٠٢)] وقال البيهقي: «وأما الذي يُرْوى عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن أبي هريرة موقوفا عليه: «إذا ولغ الكلب في الإناء فأهرقه، ثم اغسله ثلاث مرات»؛ فإنه لم يروه غير عبد الملك، وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات، وقد رواه محمد بن فضيل، عن عبد الملك مضافا إلى فعل أبي هريرة دون قوله». [البيهقي، المعرفة، ط ١، (٢/ ٥٩، ٦٠)] فيظهر –والله أعلم-أن الخطأ في كلمة الزهري، ولعل النساخ قد تواطأوا عليها في نسخ كثيرة، أو أن الخطأ من المؤلف، لكنه مستبعد؛ لأن ابن الجوزي ذكر إسناده على الصواب. وأما حديث حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، فقد أشار إليه أبو داود في السنن (كتاب الطهارة-باب الوضوء بسؤر الكلب-١/ ١٩ - ح ٧٢)، ولم يذكر لفظه، وأشار إلى أنه موقوف، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (كتاب الطهارة-باب سؤر الهرة-١/ ٣٧٥ - ح ١١٧١) من طريق أبي داود، ثم قال: «وَغَلِطَ فيه محمدُ بنُ عمرَ القَصَبِيّ؛ فرواه عن عبد الوارث، عن أيوب مدرجا في الحديث المرفوع». كما أن الرواية الصحيحة المرفوعة من حديث ابن سيرين عن أبي هريرة التي أخرجها مسلم في الصحيح (كتاب الطهارة-باب حكم ولوغ الكلب-١/ ٢٣٤ - ح ٢٧٩/ ٩١) -وقد سبقت الإشارة إليها- ليس فيها ذكر الإراقة. طرف الحديث: [ابن حجر، إتحاف المهرة، ط ١، (١٤/ ٤٨١) برقم (١٨٠٥٣) في ترجمة أبي صالح ذكوان السمان، عن أبي هريرة، وكذلك (١٦/ ٣٣) برقم (٢٠٣٢٦) في ترجمة أبي رزين عن أبي هريرة، وأحال على الموضع السابق].