للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

صورة سؤال المكرم الأمير عثمان بن عبد الرحمن هي:

هل العالم كله مخلوق، ومرزوق من بركة النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو ذلك له أسباب أخرى؟

والجواب عن ذلك من القرآن العظيم، وهو أن الحِكَم التي خُلق من أجلها العالم ورُزق، كلها إلهية ربانية لا نبوية، وقد أوضح الله جلَّ وعلا أنها كلها راجعة إليه هو تعالى، لا إلى سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فبيَّن أن من حِكم خلقه للمخلوقات، هو أن يقيم بذلك البرهان القاطع على صحة معنى كلمة لا إله إلَّا الله، في آيات كثيرة جدًّا، كقوله تعالى في البقرة: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)} [الآية: ١٦٣]، ثم أقام البرهان القاطع على ذلك بقوله بعده: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَينَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الآية: ١٦٤].

ومن أعظم الاستدلال بخلق المخلوقات على معنى لا إله إلَّا الله، ما يتضح من النظر في ترتيب أول سورة البقرة؛ لأنه تعالى بدأها بحروف مقطعة هي: {الم (١) ثم أتبع ذلك بتعظيم شأن القرآن في قوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، ثم بيَّن أن الناس بالشبة إلى الإيمان بالقرآن والكفر به ثلاث طوائف:

الطائفة الأولى: هي التي آمنِت به ظاهرًا وباطنًا، وهم المذكورون في قوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيبِ} الآية [البقرة: ٢ - ٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>