للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

والطائفة الثانية: هي التي كفرت به ظاهرًا وباطنًا، وهم المذكورون في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} الآية [البقرة: ٦ - ٧].

الطائفة الثالثة: هي التي آمنت به ظاهرًا وكفرت به باطنًا، وهم المنافقون المذكورون في قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا} الآية [البقرة: ٨ - ٩] وأطال تعالى الكلام في هذه الطائفة الأخيرة؛ لأنها شر الطوائف، فضرب لها المثل بالنار في قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} الآية [البقرة: ١٧]، وبالماء في قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} الآية [البقرة: ١٩]. ولا شك أن كل مسلم سمع هذا التقسيم إلى هذه الطوائف الثلاث، يتمنى أن يعلم الطريق التي توصله إلى أن يكون من الطائفة الطيبة، فبيَّن تعالى أن الطريق الوحيد لكونه منها هو تحقيق هاتين الكلمتين، أعني كلمة: "لا إله إلَّا الله"، وكلمة: "محمد رسول الله"، فجاء بكلمة: "لا إله إلَّا الله" أولًا موضحة إثباتها على حدة، ونفيها على حدة، ثم بين البرهان القاطع على صحتها، وهو خلقه تعالى للمخلوقات، ومن المعلوم أن كلمة: "لا إله إلَّا الله" مركبة من نفي وإثبات؛ لأن "لا إله" نفي، و"إلَّا الله" إثبات، ومعنى النفي منهما هو خلع جميع المعبودات غير الله في جميع أنواع العبادات، ومعنى الإثبات منها هو إفراده جل وعلا وحده بجميع أنواع العبادات على الوجه الشرعي خاصة مع الإخلاص له في ذلك على وجه الذل والخضوع والمحبة.

فإذا عرفت ذلك فاعلم أن قوله جل وعلا بعد ذكر الطوائف

<<  <  ج: ص:  >  >>