للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن ذلك: من كان منزله على البحر، وركب في سفينة قطعت به مسافة القصر في لحظة، ولم يلحقه شيء قليل ولا كثير من المشقة، فالوصف المعلل به وهو السفر موجود، والحكمة التي هي تخفيف المشقة معدومة، إذ لم يلحقه مشقة أصلًا.

فجمهور أهل العلم (١) أجازوا لهذا المسافر الذي قطع مسافة القصر بلا مشقة الترخص بقصر الصلاة والإفطار في رمضان.

وعلى قولهم هذا فالتعليل بالحكمة ممنوع، وإنما هو بوصف السفر العاري عن حكمة هنا.

ومن ذلك: استبراء الصغيرة.

وإيضاحه: أن مبتاع جارية صغيرة لا تحمل لصغرها مع أنها مطيقة للوطء، كابنة تسع سنين، والمشتري يريد تسريها، فعلة وجوب الاستبراء التي هي تجرد (٢) الملك موجودة، ولا حكمة هنا؛ لأن حكمة الاستبراء أن تعلم براءة الرحم من الحمل، والصغيرة محققة البراءة.

فجماعة من المالكية ومن وافقهم قالوا: يجب استبراؤها (٣)؛ لوجود الوصف المعلل به، وإن كانت الحكمة معروفة هنا.

وعلى قولهم هذا فلا يجوز التعليل بالحكمة، بل بالوصف المعلل


(١) انظر: المغني: ٣/ ١٠٩.
(٢) هكذا في المخطوط. ولعل الصواب: "تجدد".
(٣) القول باستبراء الصغيرة التي لا تحمل هو مذهب جمهور الأمة ومنهم الأئمة الأربعة، ولم ينقل ابن المنذر في الإشراف القول بعدم الاستبراء إلا عن عكرمة وإياس بن معاوية.
انظر: الإشراف: ٣١٤، والمغني: ١١/ ٢٧٤، وزاد المعاد: ٥/ ٧١٤، ٧١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>