للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي الصور المذكورة لم يوجد الوصف المعلل به الذي هو السفر، وقد وجدت الحكمة التي هي تخفيف المشقة، ولم يجز التعليل بها في الصورة المذكورة، فعدم الحكم، لذلك فلا يشرع القصر والإفطار لصاحب الصفة المذكورة.

واعلم أن قياس الحنفي العاصي بسفره على غير العاصي في جواز الترخص مردود بغير الكسر المذكور، وهو أن تخفيف المشقة عليه إعانة له على ظلمه (١)، والله تعالى يقول: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} الآية [المائدة: ٢]. فالسفر علة صحيحة للترخص، ولكنها هنا منع من تأثيرها في حكمها مانع، هو المعصية بالسفر، كما يفهم من قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} الآية [المائدة: ٣]، على أظهر التفسيرات. وعلى كل حال فالعاصي في سفره متجانف لإثم، وإذا كان ذلك يمنعه من الترخص بأكل الميتة عند الاضطرار وخوف الموت، فالقصر والإفطار أولى.

وأما وجود الوصف المعلل به دون الحكمة، فإنه يوجد في فروع كثيرة في مذاهب الأئمة رحمهم الله، وفي بعض الفروع يراعي بعضهم الوصف المعلل به، ولا يلتفت إلى الحكمة، وعلى قوله هذا فالتعليل بالحكمة ممنوع، وإنما هو بمطلق الوصف العاري عن الحكمة، وربما راعى بعضهم الحكمة، فمنع التعليل بالوصف المجرد عن الحكمة.

وعلى هذا القول فهذا النوع من الكسر قادح، ودونك أمثلة عديدة لهذا لتعلم قول من منع التعليل بالحكمة ومن أجازه.


(١) ينظر: المجموع (٣/ ٢٢٣)، والمغني: ٣/ ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>