للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

والسلامان [*] على النبي الكريم.

أما بعد: فقد طلب مني بعض فضلاء إخواننا أن نقيد لهم حروفًا تظهر (١) بها صحة صلاة من صلى في الطائرة، فأجبناهم إلى ذلك، [ونذكر] إن شاء الله وجه استنباط صحتها من كتاب الله، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - من كلام العلماء على طريق المناظرة الشرعية الخالية من اللجاج والجدال:

أما القرآن: فقد امتنَّ الله فيه على خلقه في سورة الامتنان (٢) -التي هي سورة النحل- بهذه المراكب المستحدثة؛ لأنه [لما] بين أنواع الامتنان فيها، وذكر الامتنان بأنواع [من] المركوبات في قوله تعالى: {وَالْخَيلَ وَالْبِغَال وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: ٨]. أشار إلى امتنانه بمركوبات لم تُخلق بعد، ولم يعلمها الموجودون في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨)} [النحل: ٨]، فالإتيان بقوله: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} مقترنًا بجنس المركوبات، يدل على أنه من جنس ما يركب، ودلالة الاقتران (٣)،


[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع.

(١) في المطبوعة: "نظهر" بالنون.
(٢) لم أجد هذه التسمية التي ذكرها الشيخ لسورة النحل، والذي يذكره المفسرون أنها تسمى: "سورة النِّعَم". فلعل ذلك اجتهاد منه رحمه الله، فهو أهلٌ لذلك، وقد قال الزركشي في البرهان: ١/ ٢٧٠: "وينبغي البحث عن تعداد الأسامي هل هو توقيفي أو بما يظهر من المناسبات؟ فإن كان الثاني فلن يعدم الفَطِن أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسماء لها". وقد استبعد الزركشي هذ الثاني. والله أعلم.
(٣) معنى هذه الدلالة: أن القِران بين جملتين مثلًا أو مفردين مثلًا في حكم، هل يوجب التسوية بينهما في غير ذلك الحكم؟ كقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}.=

<<  <  ج: ص:  >  >>