للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

مع أن القرآن دلَّ بدلالة الإشارة (١) على صحة الصلاة في السفينة، حيث امتنَّ بركوبها: {تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} [البقرة: ١٦٤]، ومعلوم أنه لا يتيسر النزول بالساحل عند كل صلاة، فالصلاة فيها صحيحة قطعًا.

وإذا دلَّ الكتاب والسنة والإجماع على صحة الصلاة في سفينة البحر، فاعلم أنها لا يوجد بينها وبين الطائرة فرق له أثر في الحكم؛ لأن كلًّا منهما سفينة محركة ماشية، يصح عليها الإتيان بجميع أركان الصلاة، من قيام وركوع وسجود واعتدال وغير ذلك، بل هو في الطائرة أسهل؛ لأنها أخف حركة من السفينة.

وكل منهما تمشي على جرم؛ لأن الهواء جرم بإجماع المحققين من نظار المسلمين والفلاسفة، وتتحقق صحة ذلك إذا نفخت قربة -مثلًا- فإن الرائي يظنها مملوءة من الماء، ولو كان الهواء غير جرم لما ملأ الفراغ بملء الأوعية المنفوخة، وبين الهواء والماء مناسبة كثيرة، حتى إن أحدهما ينتقل من عنصره إلى عنصر الآخر؛ ألا ترى الماء إذا


= بإسقاط الرجل المجهول، فانتفى الإعلال بالجهالة. والله أعلم. والحديث صحيح ثابت كما دكره المؤلف رحمه الله.
وانظر: صحيح الجامع الصغير: ٣/ ٢٤٤، وصفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -: ٧٩ للألباني، والتعليق المغني على سنن الدارقطني: ١/ ٣٩٥.
(١) دلالة الإشارة عند الأصوليين هي: دلالة اللفظ على معنى ليس مقصودًا باللفظ في الأصل، ولكنه الازم للمقصود، وهي من دلالة الالتزام، والحق فيها أنها من المفهوم لا من قبيل المنطوق وغير الصريح.
انظر: إرشاد الفحول: ١٧٨، والمذكرة في أصول الفقه: ٢٣٦، وأضواء البيان: ٣/ ٢٦٧ - ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>