للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الوارد لبيان إجمال نص القرآن العظيم له حكم ذلك النص القرآني الذي ورد لبيان إجماله. فإن دلَّت آية من القرآن العظيم على وجوب حكم من الأحكام وأوضح النبي - صلى الله عليه وسلم - المراد منها بفعله، فإن ذلك الفعل يكون واجبًا بعينه وجوب المعنى الذي دلت عليه الآية فلا يجوز العدول عنه لبدل آخر، ومعلوم أن ذلك منقسم إلى قسمين، كما هو مقرر في الأصول.

الأول منها: أن تكون القرينة وحدها هي التي دلت على أن ذلك الفعل الصادر من النبي - صلى الله عليه وسلم - وارد لبيان نص من كتاب الله، كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، فإن الآية تحتمل القطع من الكوع ومن المرفق ومن المنكب؛ لأن لفظ اليد قد يستعمل في كل ما ذكر، وقد دلت القرينة على أن فعله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو قطعه يد السارق من الكوع (١) وارد لبيان قوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}، فلا يجوز العدول عن هذا الفعل النبوي الوارد لبيان نص من القرآن لبدل آخر إلَّا بدليل يجب الرجوع إليه من كتاب أو سنة.

القسم الثاني: من قسمي الفعل المذكور: هو أن يرد قول من النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على أن ذلك الفعل الصادر منه - صلى الله عليه وسلم - بيان لنص من القرآن


(١) روى الدارقطني في سننه: ٣/ ٢٠٥ من طريق محمد بن عبيد الله العزرمي، في قصة سرقة رداء صفوان بن أمية: "ثم أمر بقطعه من المفصل". والعزرمي متروك، لكن قال الحافظ في التلخيص ٤/ ٧١: "وفي كتاب الحدود لأبي الشيخ من طريق نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقطعون من المفصل". اهـ.
قال الألباني: "قلت: وله شواهد .... " فذكرها. الإرواء: ٨/ ٨١ - ٨٣.
وانظر: نصب الراية: ٣/ ٣٧٠، والإرواء أيضًا: ٧/ ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>