للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الشخصي دون غيره كائنًا ما كان، سواء كان الفراغ الكائن فوق المسمى المشخص بعلمه أو غير ذلك من الأماكن الأخرى. وإذا علمت ذلك فاعلم أن الله تعالى رتَّب بالفاء قوله: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيتَ أَو اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، على كونهما من شعائر الله، وفي قوله تعالى: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} إجمال يحتاج إلى بيان كيفية التطوف ومكانه ومبدئه ومنتهاه. وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا النص القرآني بالسعي بين الصفا والمروة مبينًا أن فعله المذكور واقع لبيان القرآن العظيم المذكور، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككم" (١)، وقوله: "ابدؤا بما بدأ الله به" (٢) يعني الصفا في قوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} الآية، ومن جملة البيان المذكور بيان جواز السعي حالة الركوب على الراحلة (٣)، ففعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو سعيه بين الصفا والمروة مبينًا لذلك مراد الله في كتابه لا يجوز العدول عنه في كيفيته ولا عدده ولا مكانه ولا مبدئه ولا منتهاه إلَّا بدليل يجب


(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ: "ابدأوا" بصيغة الأمر: النسائي: (٢٩٦٢)، والدارقطني: ٢/ ٢٥٤، وابن حزم في المحلى: ٢/ ٩٢.
قال الحافظ في التلخيص: ٢/ ٢٥٠: "وصححه ابن حزم، وله طرق عند الدارقطني". وأخرجه بلفظ: "أبدأ" بصيغة الخبر: مسلم: (١٢١٨). وأخرجه أصحاب السنن وغيرهم بلفظ: "نبدأ" بالنون.
(٣) ثبت ذلك في صحيح مسلم: (١٢٧٣)، من حديث جابر رضي الله عنه قال: "طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس، وليشرف وليسألوه، فإن الناس قد غشوه".
ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما في سياق طويل: (١٢٦٤).
وانظر: إرواء الغليل: ٤/ ٣١٤ - ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>