للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أم ليس بجواد؟ يفرق بين من يطلب عوضا من غيره فيحتاج إلى غيره فيكون جوده من باب المعاوضة، وبين من لا يحتاج إلى غيره بل هو الجواد بالنعم وبالحكم كما قد بسط في غير هذا الموضع.

ولأنه لما قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (١) ، وبين أن غير المؤمنين تزول عنه النعمة، فلو كان المؤمن كذلك لم يكن بينهما فرق.

الخامس (٢) : مثل قوله تعالى في نعيم الجنة: {عطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (٣) وفي عذاب أهل النار: {إنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} (٤) قال غير واحد: غير مقطوع (٥) - أيضا -.

السادس: أنه قدر أخبر أن أهل الجنة والنار لا يموتون كما في الحديث الصحيح "يؤتى بالموت في صورة كبش، فيذبح بين الجنة والنار، ويقال: يا أهل الجنة، خلود ولا موت فيها ويا أهل النار خلود ولا موت فيها" (٦) كل خالد فيما هو فيه، فإذا كانوا لا يموتون فلا بد لهم من دار يكونون فيها، ومحال أن يعذبوا بعد دخول الجنة فلم يبق إلا دار النعيم، والحي لا يخلو من لذة أو ألم، فإذا انتفى الألم تعينت اللذة الدائمة (٧) هـ.

آخرها ... والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه، حسبنا الله ونعم الوكيل.


(١) سورة التين، الآيات: ٤-٦.
(٢) يشير إلى الدليل الخامس من آيات بقاء الجنة وقد تقدم ذكر أربعة منها ص ٨٣.
(٣) سورة هود، الآية: ١٠٨.
(٤) سورة هود الآية:١٠٧.
(٥) كما تقدم "ص٤٣".
(٦) سبق تخريج حديث ذبح الموت "ص٦١" هامش ٥.
(٧) مقابل هذا بالهامش ما نصه: "بلغ مقابلة وتصحيحا حسب الإمكان كتبه أحمد بن سعد الله الحراني، عفا الله عنه برحمته".

<<  <   >  >>