وهو محمد بن الحسن بن دريد الأزدي البصري، وكنيته أبو بكر، أورد ابن خلكان في وفياته نسبته إلى يعرب بن قخطان ..
كان إمام أهل عصره في اللغة والأدب والشعر بإجماع الرواة.
ولد في خلافة المعتصم. سنة ثلاث وعشرين ومائتين بالبصرة، وفيها نشأ وتعلم، وأخذ عن كثير من العلماء المتقدمين، منهم أبو حاتم السجستاني، والرياشي، وعبد الرحمن بن عبد الله المعروف بابن أخي الأصمعي وغيرهم من الأئمة الأعلام.
ثم انتقل عن البصرة حين حدثت ثورة الزنج سنة سبع وخمسين ومائتين من الهجرة، وقد راح ضحية هذه الثورة استشهاداً الإمام الرياشي، وأقام هو وعمه الحسن الذي كان يعنى بأمره منذ نشأته بعمان لفترة قدرت باثني عشر عاماً، عاد بعدها إلى البصرة حين استقرت الأحوال بها.
ثم رحل إلى فارس، وصحب هناك ابني ميكال، وألف لهما كتابه المشهور "الجمهرة" في اللغة، وقلداه ديوان فارس، فكانت كتب فارس تصدر عن رأيه وتوقيعه، وحفظ لهما الجميل فمدحهما بمقصورته التي اشتهرت واذع صيتها، وتعرض لها الأدباء والعلماء بالشرح والتلعيق، وقد وصله ابنا الميكال بعشرة آلاف درهم. وقد استفاد إلى جانب ذلك من عمله بالديوان أموالاً طائلة، ولكنه أنفق ذلك كله لكرمه وسخائه ...
وحين عزل ابنا الميكال عن عملها سنة ثمان وثلاثمائة تحول عن فارس إلى بغداد، وكانت شهرته قد سبقته إليها، وهناك عرف الناس فضله وقدره، فقربه إليه الإمام المقتدر وأجرى عليه رزقاً لم ينقطع عنه إلى حين وفاته سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.