ساحل آسيا الصغرى الجنوبي لا قريباً من إسكندرية مصر (أنظر تاريخ العصور الوسطى لكمبردج ج٢ ص ٣٥٣) والمؤلف لا شك يتابع في كلامه هنا السير ويليم ميور الذي يأخذ عن المؤرخ الإنجليزي جبون، وكلا هذين المؤرخين أصبح قديماً ولا يصح التعويل عليه بصفة مطلقة.
جاء في ص ٣٧٠ عن وقعة الجمل المشهورة (ونشب القتال وعائشة راكبة في هودجها على جمل يسمى عسكرا واقتتل الناس حوله سبعة أيام حتى صار كالقنفذ من النشاب) والصحيح أن وقعة الجمل لم تدم أكثر من سحابة يوم واحد. فإن السبئية من أصحاب علي أجمعوا إنشاب القتال حتى لا يتم صلح بين الفريقين. وقد حملوا بالفعل ليلاً على جيش عائشة وما تعالى النهار حتى كان الفريقان قد اشتبكا في وقعة دامية ولم يكد النهار ينصرم حتى كان جمل عائشة قد عقر وأخذت عائشة وانتهت الوقعة. ولعمري إن جيشاً يرشق كله أو بعضه بالسهام جملاً ساعة واحدة لحري بأن يحيل الجمل كالقنفذ، ولا يقتضي الأمر سبعة أيام!
ومن الخطأ الجسيم ما وقع فيه المؤلف عندما أراد أن يبدي رأيه في خروج عائشة وطلحة والزبير على علي، فهو يقول في ص ٣٧٢ (نرى أنه لا مبرر لعمل طلحة والزبير وعائشة ما دام للأمة إمام ينفذ الأحكام ويقيم الحدود ولاسيما وقد وعدهم علي ابن أبي طالب بالنظر في أمر عثمان والبحث عن قاتليه والقصاص منهم عندما تستقر الأمور. على أننا نرى من جهة أخرى أن مجرد قبول علي في جيشه أعوان ابن سبأ الذين قتلوا عثمان في الوقت الذي يطالب فيه بدمه كاف لأن تحوم الظنون حوله وتبرر اتهامه بالاشتراك في دمه) فالمؤلف ينظر هنا إلى كل من الفريقين من وجهة نظر الآخر، وقد خرج من الموضوع ولا رأي له على التحقيق. والوضع الصحيح للمسألة هو ألا مبرر مطلقاً لخروج عائشة وصاحبيها، وأما علي فلعل أصدق وصف له في الفتن التي اضطر إلى خوض غمارها أنه كان على إخلاصه مغلوباً على أمره.
ويقول المؤلف في هامش ص ٤٥٠ تعليقاً على كلامه على ضرب الحجاج الكعبة بالمجانيق: (لم يرد عبد الملك بن مروان أن يحط من شأن الكعبة وإنما اضطر إلى قتال ابن الزبير فحدث ما حدث من غير قصد. وذلك أن الحجاج لما نصب المجانيق على الكعبة