جعل هدفه هذه الزيادة التي زادها ابن الزبير في الكعبة، إذ كان الأمويون يعتبرون ذلك بدعاً في الدين) وهذا تخيل عجيب للحال، فإن مجرد استحلال القتال في الحرم فضلاً عن رمي الكعبة بالمجانيق عمل ينطوي في نفسه على حط كثير من شأن الأمكنة المقدسة من غير نزاع. على أن الأمر كان أمر سياسة قبل كل شيء وبنو أمية كانوا إذا تعارضت المصلحة السياسية وأي اعتبار آخر رجحوا جانب المصلحة السياسية كائناً ما كان ذلك الاعتبار الآخر، وتاريخهم كله يشهد بذلك. وقد يكون من المضحك أن يقال إن الحجاج جعل الزيادة التي زادها ابن الزبير في الكعبة هدفاً لمجانيقه! أفما كان من الممكن الانتظار حتى تضع الحرب أوزارها ثم تنقض الكعبة وتبني على أسسها القديمة؟ ثم هل كانت هذه الزيادة متميزة عن سائر بنية الكعبة بحيث يمكن نقضها دون هدم الكعبة؟ كلا ثم كلا! لقد كان الهدف الحقيقي للمجانيق هو ابن الزبير نفسه، ولما جعل ابن الزبير الكعبة حائلاً بينه وبين المجانيق ضربت الكعبة.
ويقول المؤلف في ص ٤٧١ وقد استعرض أشهر فرق الخوارج في العصر الأموي:(وإن الناظر إلى مبادئهم ليجد أنهم اشتطوا جميعاً في الحكم على مخالفيهم حتى ساووا بينهم وبين الكفار عبدة الأوثان) وهذا الحكم على إطلاقه غير صحيح فهو إن صدق على بعض فرق الخوارج كالأزارقة لا يصدق على بعضها الآخر كالأباضية.
ومن الخطأ الجسيم الذي وقع فيه المؤلف متابعته مؤرخاً متوسط المكانة التاريخية هو السيد أمير علي الهندي في الكلام على نظام الإمارة على البلدان في العصر الأموي. يقول المؤلف نقلاً عن هذا المؤرخ:(إن هناك نقصاً قد تطرق إلى النظام الإداري في عهد بني أمية وجر إلى أسوأ العواقب فيما بعد. وذلك أنه كان يفرض على ولاة الأقاليم الإقامة في حواضر ولاياتهم. أما في عهد الأمويين فقد أصبحت ولاية الولايات تسند إلى بعض أفراد البيت المالك وإلى كبار رجال البلاط فكانوا يبقون في دمشق ويعينون من قبلهم رجالاً يقومون بحكم الولايات نيابة عنهم. وكان من أهم أغراض هؤلاء الإثراء على حساب بيت المال، وإرضاء هؤلاء الولاة بما كانوا يدرونه عليهم من الأموال) ونبادر إلى القول بأن هذا النقل غير دقيق فالسيد أمير يؤرخ النقص الذي تطرق إلى النظام الإداري من عهد يزيد بن عبد الملك بن مروان أي من عام ١٠١هـ في حين أن كلام الناقل يجعل تطرق