كرمهم)، أو على الأقل بهذا يتحدث اليوم شيوخ صيادي المكروب الذين حضروا ذلك العصر ولا يزالون يذكرون أحداثه المجيدة
(لقد أسبغنا عليك الشارات، وأعطيناك المكرسكوبات والخنازير الغينية وما إليها، فلا أقل من أن ترد الجميل فتكشف لنا عن علاج كبير يدوي خبره في الآفاق، فيبني للوطن الألماني مجداً كالذي بناه بستور لوطنه الفرنسي). هذا ما كان يسمعه بستور كل يوم. هذا صوت الغواية الذي يطرق أذنه كل حين، وإلى هذا الصوت استجاب كوخ أخيراً، ومن ذا الذي يلومه؟ وأي إنسان يقوى على الثبات على طريق العلم السوي، وإلزام نفسه أسلوب البحث الحق، والحكومات إلى يمينه تصيح به أن يجد لها مكانة في السماء، والأمهات إلى يساره تصرخ له عسى أن تجد لأولادهن الهالكين بين الأحياء. نعم إلى هذا الصوت استجاب كوخ، فكشف عن حتفه بظلفه، وأعلن للدنيا اكتشافه التوبركولين علاجاً للسل ورحمة للمسلولين، فكان من إخفاقه الذي كان، ولكن ما لبث كوخ أن قام يكفر عن هذا بإعانة الشبان من أعوانه في الكشوفات البارعة التي كانوا فيها، ومن هؤلاء الشبان أميل بارنج، وكان باحثاً شاعراً أعانه كوخ بقريحته النقادة الباردة، صوب ضوء مصباحها الهائل على أعماله، فاستعرف بارنج في نورها الساطع على ما يأخذ به، واستعرف فيه على ما يَدَع
أي بيت لصيادة المكروب كان بيت (المثلّث) هذا. كان قذراً معتما كالقبر، ولكن اجتمع فيه رجال كوخ الشباب فبثوا فيه الحياة بتجاربهم المتواصلة، وهزوا جدرانه هزاً بصراخهم وحجاجهم فيه، وكان من بينهم بول إرليش يُعقب السيجارةَ أختها، ويلوث يديه وثيابه حتى وجهه بكل صبغة من كل لون من ألوان الطيف، وكان قائماً بتجارب طموح، يحاول بها أن يعرف كيف ترث أطفال الفئران عن أمهاتها الحصانة من بعض سموم النبات. . وكان من بينهم كيتاساتو وكان يابانياً ذا وجه أقور كالدائرة، وكان قائماً يحقن بَشِلاّت كُزاز الفك في ذيول الفئران، ثم هو يصبر حتى تصبّ البشلات سمها في الفأر، ثم يقط ذيولها الوبيئة ليرى هل يقتلهما السم وحده وهي بتراء. . . . وكان من بين من كانوا في هذا البيت رجال آخرون، بعضهم ذهب الزمن باسمهم، وبعضهم اشتهروا وخلد ذكرهم، واختصاراً قامت هذه العصابة الألمانية تبغي هزيمة الفرنسيين تحت وابل من التجارب