ويقدره إذا أجاد. بذا تسير أداة الحكومة بلا إبطاء أو عوج، وتقضى مصالح الناس بلا إرجاء أو إهمال، لأن كلاً يحتمل نصيبه ويقوم بواجبه
على أنه مما يقوم سبل الإدارة ويوجهها جادة الحق سلوك أصحاب الحاجة أنفسهم. ففي البيئات الحرة يستمسك المرء بحقه، ولا يرى في عمال الإدارة طبقة مميزة عليه، ولا يعتبر الالتجاء إليهم لقضاء مصالحه استجداء أو استعانة لم يؤد ثمنها. بل يرى أن من حقه طلب ما يطلب في حدود القانون، ومن واجب عمال الإدارة خدمة الناس خاصتهم وعامتهم في هذه الحدود، قياماً بواجبهم وأداء لحقوق الغير عليهم. أما استخذاء الشعب واستكانته إزاء تصرف غير كريم من أحد عمال الإدارة فإنه يغري من وهنت أخلاقهم بظلمة وإهمال شؤونه من جهة ويشجعهم على التواني والعدوان بصفة عامة من جهة أخرى
التربية الاستقلالية كما قلت تنمي في الفرد صفتي الثقة بالنفس والإقدام. ولهما أهميتهما العظمى في الوسط الإداري. فالإدارة لا تستمد قوتها واستقامتها من النظم الموضوعة فقط، بل من شخصية منفذي القوانين والنظم. فهم يطبقونها ويفسرونها للخير والشر، كبيرهم وصغيرهم كل بنسبة نفوذه وقوة شخصيته. والمقدام لا يتهيب طلب الإصلاح وإن صغر مركزه وضاق نطاق مسؤوليته. ولكنه يقدم غير هياب ولا وجل فيكون أكثر إنتاجاً وأعظم للجماعة خدمة
وهنا لا أجد مندوحة، اتباعاً لمنهاجي في البحث، عن ضرب مثل برجل الإدارة ذي الشخصية والإقدام والإحساس بالواجب
صدر قانون محاكم الأخطاط سنة ١٩١٢، ولاحظ أحد كتاب المحاكم الجزئية الأهلية بينما كان يفتش أعمال بعض محاكم الأخطاط لسنة ١٩٢٢، أن بمحكمة خط العطف قضايا مدنية عظيمة القيمة تحكم فيها المحكمة حكماً نهائياً. وهاله كثرة القضايا، وخشي أن يكون في الأمر غبناً على الفلاح بحرمانه حق الطعن في الحكم، وغبناً على الخزانة العامة بتحصيلها رسماً مخفضاً. ولما ناقش الكاتب المختص أجابه هذا بأنه يتبع نص القانون القاضي بأن محكمة الخط تختص بالحكم نهائياً في المنازعات التي يتفق طرفا الخصومة على أن تنظرها
وفاتح رئيسه القاضي الجزئي فنصحه بأن يلزم حدوده فهذا بحث لا يدخل ضمن عمله