السمك، والفيلسوف اسبينوزا بصقل الزجاج؛ وفي سنة ١٧٥٤ تعرف بالشاعر لسنج وتوثقت بينهما أواصر صداقة أدبية متينة، وأصدرا معاً كتاباً عنوانه (بوب المشتغل بما وراء الطبيعة)، ونشر له لسنج بعد ذلك (محادثاته الفلسفية) غفلاً من اسمه، لأن العصر لم يكن يسمح بالتوسع في المسائل الفلسفية العميقة؛ وأصدر لسنج بعد ذلك كتابه (ناتان الحكيم) واتخذ مندلسون بطلاً لقصته. ولكن مندلسون بلغ ذروة القوة والابتكار حين أصدر كتابه (فيدون) في سنة ١٧٦٧؛ ويعتبر كتاب مندلسون بداية عصر جديد في الأدب الألماني الصحيح لأنه يحمل فيه على الحركة الأدبية المتأثرة بنفوذ الأدب الفرنسي ونفوذ فولتير، ويحمل كذلك على فردريك الأكبر لأنه شجع هذه الحركة؛ ولم يغضب فردريك الأكبر لهذه الحملة بل بالعكس سر لها وطلب مندلسون لرؤيته؛ ولمندلسون نظرية في الجنسية اليهودية خلاصتها أن يندمج يهود كل أمة في جنسية هذه الأمة اندماجاً تاماً، وإلا يجعلوا لأنفسهم من اليهودية نفسها جنسية خاصة، ولكن المتعصبين لم يقبلوا نظريته، وأصروا دائماً على اتخاذ اليهودية ذاتها جنساً وديناً؛ وقد كان لمندلسون تأثير عظيم في توجيه الأدب الألماني الحديث.
وموسى مندلسون هو جد الموسيقي العظيم فيلكس مندلسون الذي ولد في سنة ١٨٠٩ وتوفي في سنة ١٨٤٧
وتعتبر هذه الترجمة الجديدة من أقوى التراجم التي صدرت عن مندلسون، وقد اشتهر مؤلفها اوتو سارك من قبل بترجمته لكوسوت بطل المجر القومي.
الوطنية واستعباد الفكر
خطب الدكتور جبلز وزير الدعاية الألمانية في معرض الكتب في مدينة فيمار، فأشار إلى مركز الكاتب بالأمس ومركزه اليوم في ألمانيا النازية، وشبه الكاتب بالجندي الذي لا يصح له أن يطلق الرصاص إلا متى أمر وحيث أمر، فكذلك الكاتب يجب أن يكون جندياً من جنود الوطن لا يكتب إلا فيما اتفق مع مثل الوطن وغاياته؛ ويجب أن تحد حرية القلم بالحدود التي يتطلبها الوطن وألا يتخذ الكاتب من (فرديته) وحريته الفكرية سبيلاً إلى التصريح بما يخرج عن المثل القومية. والدكتور جبلز هو أوفر العصبة النازية ثقافة، وربما كان أشدهم شعوراً بما انتهت إليه الحركة الفكرية والثقافية في ألمانيا النازية من