التدهور، ولذا نراه ينتهز كل فرصة للدفاع عن السياسة النازية في تصفية الذهن والقلم؛ بيد أن الدكتور جبلز يدافع عن قضية لا يمكن الدفاع عنها؛ فالفردية وحرية الفكر هما أساس المدنية؛ والفردية معناها الكرامة الإنسانية، وحرية الرأي هي أسمى ما يتمتع به الفرد في أمة متمدنة، ويكفي أن تعرف أن الصحافة الألمانية انتهت في عهد النازي، وبفضل القوانين الحديدية التي يسهر على تنفيذها الدكتور جبلز إلى حالة تدعو إلى الرثاء، وقد اختفت الصحف الكبرى الصحافة الألمانية، وأضحى الألماني يرغب عن قراءة الصحف الألمانية، ويؤثر قراءة الصحف الأجنبية، ولم تظهر في الأعوام الثلاثة الأخيرة عبقرية فنية ذات شأن أو أي إنتاج أدبي يلفت النظر، ولا يمكن أن تظهر في ظل هذا النظام الحديدي الذي يجعل من القلم أداة مصفدة توجهها السلطات حيث شاءت. ومما يدعو إلى التأمل أن الدكتور جبلز يلقي خطابه في استعباد حرية الذهن في فيمار حيثما سطعت أعظم عبقرية أدبية ألمانية في ظل الحرية ونعني جيته.
كتاب عن روبرت والبول
روبرت والبول من أعظم ساسة إنكلترا وساسة العصر الحديث؛ ويعتبر هو الواضع للأساليب السياسية المحافظة التي مازالت إلى اليوم توجه السياسة الإنكليزية.
وقد صدرت أخيراً ترجمة مطولة لهذا السياسي الكبير في ثلاثة أجزاء بقلم الكاتب الإنكليزي ف. س. أوليفر الذي توفي قبل تمام ظهر كتابه، بعنوان (المغامرة اللانهائية) ومستر أوليفر ليس من الكتاب المحترفين، ولكنه كاتب هاو، وقد كان تاجراً كبيراً، ولكنه اشتهر حينما أصدر كتابه عن (اللورد هاملتون) السياسي الكبير، وظهرت مقدرته في الوصف والتحليل في كتابة التراجم.
ويعرض مستر اوليفر حياة روبرت والبول في إفاضة، ويصف الأساليب السياسية في القرن الثامن عشر في العصر الذي ملك فيه والبول زمامها (أوائل القرن الثامن عشر)؛ ويدلل على أن هذه الأساليب كانت تقوم على نوع من الطغيان السياسي الذي يسود اليوم بعض الدول العظمى؛ ويقص علينا خلال ذلك حوادث هذا العصر السياسية.
ويرى مستر أوليفر أن أعظم فارق بين السياسة في ذلك العصر وبين السياسة في عصرنا هو في مقدار القوى التي يجب على السياسي العظيم أن يسيرها؛ ففي القرن الثامن عشر