معبدا أو كنيسة أو جامعاً أو صورة صعب علينا التعرف على ما فيها من سر الجمال والإنشاء.
وإذا كان من نصيب البعض زيارة متاحف أو معارض فنية، وكان من شانه وصف ما شاهد، أو نقد ما عاين، أو تكوين رأي شخصي، تراه لا يخرج فيما يكتبه أو يقوله أو يقرره عن مديح وإطراء أو ذم وتقليل ليس فيه قيمة دراسية تعود على القارئ أو المستمع بأي تثقيف أو فائدة، بل على النقيض من ذلك قد تضر استعداده الفطري وتنقص منه؛ وذلك ما حدا لي في الواقع إلى الاتصال بالأستاذ الكبير رئيس تحرير هذه المجلة، بقصد التحرير في تاريخ الفن وتاريخ الآثار أجمالا، حتى أستطيع بذلك أن أقدم للقارئ تعاريف إجمالية تكوين خلاصة هذه الدراسات، إذ بها يمكن اكتساب المعرفة الحقة لعلمين مهمين يؤديان بنا إلى التعرف على ما في حياة الإنسان من تراث فني مجيد، ويكسبنا ناحية من الاستمتاع قد لا يمكن الوصول إليها دون المعرفة الدراسية ولاسيما وبيئتنا لا تزال تخلو من هذا النوع من التثقيف.
وقد فكرت كثيراً في الخطة التي يمكنني السير عليها، ووجدت أن الملائم للقراء وجمهرتهم من الأدباء والمثقفين، إلا أنحو نحواً مدرسياً بحتاً قد يمل القارئ، فتراني مرة أكتب عن روبنز وأخرى عن جويا وثالثة عن رمبراندت، ثم تراني أنتقل فجأة إلى اكروبوليس أثينا، مع أن الصلة المدرسية أو المنهجية بين هذه المقالات وبعضها مفقودة تماماً؛ كما أني لم اعرج على الفن المصري أو الإسلامي بعد، ولكني أتعمد هذا الأعراض مؤقتا، كما أتعمد الانتقال المفاجئ لأمرين: أولهما تشويق القارئ كل مرة بقراءة شيء جديد مخالف لسابقه؛ وثانيهما إعطاء الفكرة العامة عن ماهية تاريخ الفن وتاريخ الآثار في ابسط عبارة تؤدي إلى معرفة وسائل القياس بواسطة الفن المقارن، وبذلك تكمل حواسنا، وندرك الجمال على الوجه المتقدم.
على أنه كان ولابد من جعل الدراسة منتظمة، فهذا ما سيكون بطبية الحال في النهاية؛ إذ يمكن عندئذ، بعد عمل ترتيب بسيط، جمع فناني كل مدرسة على حدة، ووضعهم معاً وضعاً تاريخياً، وهذا الترتيب يمكن أجراؤه فيما يتعلق بتاريخ الآثار أيضا.
واليوم أقدم إيضاحاً عن اكروبوليس أثينا الذي يعتبر آية من آيات الفن القياسي، إلا أني