- قد تحسبك كالطبيب فلان الذي خُرِّبت عبادته بسبب امرأة ألمانية كانت تزوره في العشيات.
- وأنت تلك الألمانية يا ظمياء؟ ما هذا الغرور الفظيع الذي لا تخلو منه امرأة شوهاء!
(وهنا ضحكت المرأة جميلة ضحكةً رجت أركان البيت).
- اعقلي يا ظمياء! أنا رجل غريب، والغريب يدخل سجن الفضيلة وهو راغم. فأنت في حماية هذا التخوف، تخوف الغريب من قالة السوء. وسأعيش في بلدكم ما أعيش، ثم أخرج بأذن الله وأنا أبيض الصحائف وضاح الجبين.
- هل معنى ذلك أني في أمان؟
- في أمان يا ظماء، سبحان الله!
- أنت تهينني! فأنا عندك فتاة شوهاء لا تهيج الغواية في قلوب الرجال!
(وهنا دونت في مذكرتي أن المرأة لا يسرها أن تكون في أمان، لأنها لا تكون في أمان إلا حين تزهد فيها القلوب. وأشهد أن ظمياء فتاة شريفة، ولكن تغلب عليها نزعة الجنس، فهي تحب أن يكون شرفها بفضل التصون، ويؤذيها أن تصل إلى الشرف عن طريق الزهد، الزهد فيما تدعيه لنفسها من حسن مرموق).
- دكتور، أروح؟
- وين تروحين؟ حدثيني عن قصة ليلى مع الضابط عبد الحسيب.
- كانت بداية القصة في سنة ١٩٢٦ حين ثار حزب الشعب على المرحوم عبد المحسن عبد المحسن السعدون، وكانت الجرائد العراقية أطنبت في وصف المعرض الزراعي والصناعي الذي أقيم في الجزيرة بالقاهرة في ذلك التاريخ، وكانت ليلى ضجرت من ضجيج السياسة في بغداد فاستأذنت والديها رحمهما الله لترى ذلك المعرض علها تنسى ضجيج بغداد، فرفض أبوها، وشجعتها أمها، والمرأة تغلب الرجل حين تشاء، فلم ينتصف شهر آذار، شهر الأزهار والرياحين، إلا وليلى تطالع سِفر الحياة على شواطئ النيل وطن مولاي الطبيب.