الدكتور مبارك الطبيب، والناس جميعا يعرفون أني أحرزت الدكتوراه في الطب قبل أن أحرز الدكتوراه في الآداب).
- دكتور، أروح؟
- وين تروحين؟ اجلسي يا بلهاء.
- أنا اسمي ظمياء.
- اجلسي يا ظمياء.
(ولماذا أفضح نفسي في المؤتمر بأحاديث مونمارتر ومونبارناس؟ لماذا لا أكتفي بالشواهد التي أعرفها في مصر؟ ألم يكن صديقنا فلان من أعف الناس في صباه؟ ألم يكن يحوقل ويستغفر ويسترجع حين يطرق أذنيه بيت من النسيب؟ رحمة الله على أيامه الطيبات، أيام كنا نتقرب إلى الله بتقبيل يمناه! فمن يصدقني اليوم إذا قلت إنه كان في صباه فتى عفيفا؟ وكيف يصدقني الناس إذا ادعيت ذلك وهو اليوم ألطف ما جن وأظرف عربيد؟!).
- دكتور!
- اخرسي يا بنت!
- شنو؟
- ما أدري شنو!!
(إن حال ليلى في جوهره يرجع إلى فرضين: الفرض الأول أن تكون رأت في مطلع صباها صورة مست شغاف القلب ثم اختفت تلك الصورة، وظلت المسكينة تترقب ملامحها في أوجه الخاطبين بدون أن يتحقق لها رجاء، فلما وقع بصرها على الضابط عبد الحسيب رأت فيه ملامح الحبيب الضائع فأقبلت عليه وقد استيقظ هواها القديم يقظة مرعبة ضجت لها بغداد؛ والفرض الثاني أن تكون أصيبت بالغفوة الروحية، ذلك المرض الخطر الذي تفردت باستكشافه والذي سيجعل لي مقام صدق في عالم الطب، وقد عاشت المسكينة تحت سيطرة هذا المرض إلى أن بلغت الثامنة والعشرين ثم عوفيت فجأة، فكانت عيناها الناعستان وابتسامتها الساحرة من نصيب الضابط عبد الحسيب).