الطالب ما يدل على العجز عن منعه من إسقاطه مادام يستعمل حقه القانوني ومادام الطالب يستحق التقدير الذي قدره له مراقب التصحيح
وقد اتضح لي أن أولياء أمور الطلبة في مثل هذه الأحوال يريدون أن يوسطوا بعض المشتغلين بالتعليم فيزيد هؤلاء النار أجيجا. وقد ذكرت الآن حادثة ثالثة حدثت في المدرسة الأخيرة وهي أن طالباً أهان أستاذاً فرفت الطالب بضعة أيام، فجاء إليّ والده وقريبه وهما من الأعيان ومعهما ثالث من المشتغلين بالعلم والتعليم، وحاولوا من غير تلطف بل بوجاهتهم ونفوذهم، وقبل أن يعرفوني بأنفسهم أن يحملوني على نقض ما أبرمت، ورأيت أني لا أملك حق السامح للطالب أن يهين أستاذه، فرضت، فحملوا لي الضغينة وكان أشدهم ضغينة ذلك المشتغل بأمر التعليم. وذكرت حادثة أخرى مثلها حدثت في مدرسة من مدارس الوجه البحري، وتدخل أيضاً أحد المشتغلين بالتعليم بخطاب شفاعة من القاهرة فتلطفت في رد طلبه، فحمل لي ضغينة العمر. والذي أعرفه أن الطلبة كانوا قديماً لا ينقمون العقاب المدرسي إذا عرفوا حسن نية موقعه، ولكن الحال قد تبدلت الآن لسوء قدوة الكبار. فإذا كان بين الطلبة من لا يحترم حدود الحق والواجب فقد لقنوا ألا يحترموه، بل لقنوا أن احترامه ضعة ومهانة. وكثيراً ما كنت أشاهد أن الطالب قد يتذمر من العقاب ولكنه يعود إلى الصفاء والولاء. أما الشفيع المخذول فإنه لا ينسى أبداً أنه قد رفضت شفاعته، وهذا كان قبل أن تسري طباع الكبار إلى الطلبة. ومن عجائب الدهر أن أشد الناس لوماً للطلبة وتعنيفاً لهم وذماً لسلوكهم في كثير من الأحايين أسوأ قدوة للطلبة، وهم على نفس الطباع والخصال التي يذمونها في الطلبة والتي سرت منهم إليهم، وهؤلاء هم الكبار على اختلاف طبقاتهم وأعمالهم.