بقوة مشلولة، لأن الله إذا أراد بأمة سوءاً شل إرادتها وقوتها، وهذه الطوائف الأربع هي الطوائف التي تكون في الأمة التي فقدت احترام حدود الحق والواجب.
وإذا نظرنا إلى بلادنا وجدنا مظاهر الحضارة من مدارس ومنشآت وعمارات وصناعات وميادين فسيحة وسيارات، ووجدنا من يظن أن هذه الأمور تعصم من التدهور الذي ينشأ من افتقاد احترام حدود الحق والواجب، ووجدنا أيضاً طائفة من هذه الطوائف الأربع، ووجدنا أيضاً. . . فقدان احترام حدود الحق والواجب، والشواهد على فقدانه لا يمكن أن تحصى فهي كعدد الرمال على شاطئ البحر
ولكني سأقص على القارئ حوادث تدل على أن فقدان احترام حدود الحق والواجب أمر قد تفشى حتى في نفوس أرقى الطبقات.
والحادثة الأولى حدثت عندما كنت ناظراً لمدرسة ثانوية في الأقاليم، ورسب ابن أحد كبار رجال الإدارة وابن أحد كبار رجال البوليس في امتحان النقل. ويكفي أن نقول (أحد كبار الرجل) وكان رسوبهما في اللغة الإنجليزية، ورفض الأستاذ الإنجليزي مراقب تصحيح المادة أن يزيد درجتي الطالبين في الامتحان، والقانون يقضي أنه لا يمكن أن تزاد درجة إلا بواسطة مراقب التصحيح، والنظم الحديثة التي كانت سائدة وقت الحادثة تحرم على ناظر المدرسة أن يزيد هو الدرجة، فحاولت أن أطلع أحد الكبيرين على حقيقة الأمر، وعلى حدود حقوقي وواجباتي كناظر مدرسة، وعلى أن القانون يحرم عليّ زيادة الدرجة وإنجاح الطالبين، فقال أحدهم: أنا لا أفهم كيف أننا نتصرف في تطبيق قانون يتوقف عليه حياة الناس، ويتوقف عليه امتلاكهم لما يملكون، وأنت لا يمكنك أن تتصرف في تطبيق قانون (مدرسي) لا أقل ولا أكثر! ثم ذهب ولم يصدق قولي. والحادثة الثانية تشبه هذه الحادثة تمام الشبه، ولكنها حدثت في مدرسة قريبة من القاهرة، فقد رسب أيضاً طالب في اللغة الإنجليزية، ورفض المراقب زيادة الدرجة وإنجاح الطالب، وأبى أبو الطالب، وكان من الوجهاء العظام، إلا أن يحمل لي ضغينة شديدة وأن يثير ضدي غيره من الناس وإن كنت لا أملك وسيلة قانونية لزيادة الدرجة إذا رفض مراقب اللغة الإنجليزية أو غيرها من المواد إنجاح الطالب. كما أني ما كنت أملك وسيلة لمنع مراقب التصحيح من إنجاح الطالب لو أراد إنجاحه، ورأى أنه يستحق النجاح، وفي هذا العجز عن منعه من إنجاح