في شيء مما أثبتته الأديان لله وجعل أساساً للإيمان، ثم انتقلت به إلى أمر الآخرة فقال إنه في شك منها ولم يعطها حظها من النظر. فقلت له إن الإيمان بالحياة الثانية ينبغي أن يكون موضع بحثك قبل أن تصل إلى الرسالة؛ وبسطت له ما تهدي إليه الفطرة ويدركه بادئ النظر من وجود دار جزاء ينال فيها المحسن ثواب إحسانه، ويُسأل فيها المسيء عن إساءته. ومن أيقن بأن الله حكيم لزمه بالبداهة أن يقر بأن الناس لم يخلقوا سدى - أفحسبتم إنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون - عند ذلك قال إنه لابد لي من فضل تفكير في هذا. وهبني أذعنت له فماذا تقول في المرسلين؟ فقلت له ما عندي من أدلة الحاجة إلى الرسالة التي ينبغي أن تكون من عند الله، لأن كثيراً من تعاليم الرسل لا يستقل العقل البشري بها. وقد جاء كل رسول ببينة تؤيد دعواه أنه مرسل من عند الله. وإليك معجزة محمد عليه الصلاة والسلام وهي القرآن الكريم، فهل ترى أن بشراً يقدر على مثله؟ ونازعني في ما سقته إليه من الأدلة ونازعته، حتى سكت فسكت عنه، وتركته إلى نفسه يعرض عليها أدلة المخالف ويراجع أدلتها هي. وأرجو أن أعود إليه مرة أخرى فيكون الحق قد مهد لنفسه سبيلاً إلى قلبه. وإني وإياه لطلاب هدى.
ولوددت أن يبادر شبابنا بطلب اليقين إذا تلجلج الشك في صدورهم، فإن ذلك أحرى بأن يقتلع الشبه قبل رسوخها. وفلان. . . أمثلهم في هذا وإن كان يغلبه الشباب حيناً على الغضب لرأيه إذا شاء مجادله أن يظهر بالغلبة عليه)
هذه صورة من صور الحوار الذي كان يجري أحياناً بين شبابنا طلاب العلم في أوربا في صدر هذا القرن عندما كانت تتسرب إلى نفوسهم الغضة نزعات الشك في العقائد، وكانت نزعات الشك في العقائد يومئذ تشتعل في أوربا اشتعالا
وقد يكون في نشر هذه الصورة عبرة لشباب اليوم
ولسنا ندري كيف يفعل شباب اليوم حين تتسرب نزعات الشك إلى عقائدهم