ونظام، فيسمعون جميعاً إلى الخطباء من زعماء المسلمين يرفعون أصواتهم بالمجاهر! لماذا لا يكون هناك مدرج ينحت في الجبال ليسع الألوف المؤلفة؟ هذا أمر حتم لابد أن تتخذ له الأهبة.
طالت بي الوقفة وأصحابي على مقربة مني! فقلت: هذا أمر له غير هذه الوقفة. ثم التفت فإذا أعرابي بجانبي تفتر شفتاه عن أسنان ناصعة وفي فمه عود
قلت: ما هذا؟ قال: بشام. قلت، الذي يقول فيه جرير:
أتذكر إذ تودعنا سليمى ... بفرع بشامة؟ سُقى البشام
قلت: وما هذا؟ مشيراً إلى شجرة صغيرة من الشجر الذي يسمى السنط في مصر. فقال: سلم. فتذكرت قول القائل:
قلت: أتستطيع أن تأتينا بأعواد من البشام؟ قال: إنه على الربع الآخر، وأشار إلى الجبل يعنى سفحه الآخر. فتذكرت الآية الكريمة:(أتبنون بكل ربع آية تعبثون) والربع المكان المرتفع قلت لأصحابي: لو اتسع الوقت لأخذنا كثيراً من اللغة عن هذا الأعرابي. فمن كان يظن أن هذه ألفاظ ميتة في المعاجم فليعلم أنها لا تزال حية في أفواه كثير من العرب. وحان الرجوع فرجعنا إلى الخيام