نبهتني تلبية جرير فقلت: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك الخ كم في هذه الخيام من قلوب وردت هذه المشاهد ورود القطا الظماء! وكم من نفوس هجرت خفض العيش إلى مشقة الأسفار، وغربة الديار لتنعم بالذكر والتوبة في هذه البقاع المقدسة. لو نفض كل قلب هنا آماله وآلامه لسامت هذه الحبال جبال من أحزان البشر وأمانيهم حملها أصحابها إلى سدة الخالق العظيم يستغفرون ويتضرعون، ويسترحمون ويتذللون. سرائر لو اجتمعت في هذه الساعة لتمثل فيها تاريخ البشر. لو اجتمعت! لو تشاكى أصحابها وتناجى أربابها! لو تشاكى المسلمون في هذه البقعة وبث بعضهم لبعض خبايا قلبه، وتشاوروا فيما يحز بهم! أجل، هذه خيام مجتمعة، وجماعات مختلطة، وبينها تعارف وتزاور، ولكن أين هذا مما يريد الإسلام ونريد؟ لابد أن ييسر لكل حاج السير والزيارة، ويمكن من أن يلقى من يشاء حين يشاء. إن مئات الآلاف من الحجاج لا تتيسر لهم مقاصدهم ولا تكفل راحتهم إلا في نظام دقيق وترتيب حسن. وذلك لمن شاءه جد يسير. وعلى المسلمين جميعاً أن يعملوا له. لماذا لا يكون في منى مجمع مسقوف يسع الحجاج جميعاً يقفون أو يجلسون في راحة