كل هذه العوامل مع التنبيه القومي العظيم فجعلت للدولتين أهمية روحية في العالم العربي تكاد تضاهي أهمية مصر. وقد لعب السوريون دوراً رئيسياً في أكثر الثورات والحركات الفكرية والسياسية التي حدثت في الشرق الأدنى منذ عام ١٩١٩
يمتاز لبنان على سائر الأقطار العربية بأن الأحزاب السياسية المتناقضة فيه هي المسيطرة على سير الحوادث. والحزبان الرئيسيان هما: أولاً حزب الحكومة المستند بالدرجة الأولى على تأييد النصارى أكثر من غيرهم والذي يرمي إلى أتباع سياسة إفرنسية. وثانياً: الحزب الذي يعارض الأول كل المعارضة ويؤيده أكثر المسلمين وبعض النصارى. وهناك فئة ثالثة ذات رأي معتدل تسعى إلى الابتعاد عن المنازعات الطائفية، أعضاؤها من اللبنانيين المتعلمين والأجانب الذين تمكنوا - بشكل من الأشكال - من أن يلعبوا دوراً هاماً في حياة البلاد
رئيس الجمهورية
لقد دعاني المسيو أميل اده رئيس جمهورية لبنان لتناول طعام الغداء في بيته، وبهذا أتاح لي الفرصة للوقوف على وجهة نظر الحكومة من مصدر عال
يقعُ مكتب المسيو إده الرسمي في السراي الصغيرة في ميدان بيروت الرئيسي، وهي دار الحكومة؛ أما بيته الخاص فهو في الطابق الثاني من عمارة حديثة ذات طوابق متعددة وعلى مدخلها ألواح تشير إلى وجود طبيب وأشخاص من مهن مختلفة بين سكانها. ومع ذلك فإن (الدركيّ) الواقف على الباب والعلم الفرنسي ذا الأرزة في زاويته المرفوع على السطح والعلم الآخر الصغير الموضوع في مكان بارز على السيارة الفخمة الواقفة خارج البناء، كلها دلائل على مكانة أحد سكان العمارة الرفيعة. أما البيت نفسه فهو كبير ومؤثث بفرش حديثة عادية وعلى جدرانه رسوم ليست حديثة تماماً.
إن المسيو اده نصراني لبناني، ولابد في لبنان من ذكر دين الشخص لمعرفة مكانته الرسمية. وقد استقبلني بصحبة زوجه وولدهما. أما منظره فيدل على ذكاء، وهو قصير القامة ويرتدي الملابس الضيقة وقد وضع في صدره شارة جوقة الشرف لجيون دُونير. وكانت كل كلمة أو حركة منه تدل على حيوية لم يسع صاحبها إلى كتمها أو ضبطها. ولو قيل لمن ينظر إليه إنه نائب في مجلس النواب الفرنسي عن مقاطعة في جنوبي فرنسا لما