ويشترط في هذا طبعاً أن يكونوا مستعدين لتحمل المشاق والمصاعب التي تعرضوا لها في بدء استعمارهم الحديث لفلسطين وأن يكون العرب الذين يقطنون في منطقة النجب مستعدين أن يغادروها لينزلوا الأراضي التي أصلحها اليهود في الشمال
وعند المؤلف أنه إذا صح هذا كان فاتحة عهد جديد في فلسطين. ومما يتصوره ويتوقعه إنشاء ميناء من الدرجة الأولى في العقبة في حالة نجاح هذا المشروع وشق طرق صالحة للمواصلات تؤدي إلى الأسواق المصرية وإنشاء مطارات كثيرة
ومؤلف الكتاب كان من رجال البوليس بفلسطين ويعرف البلاد وسكانها معرفة دقيقة، ولكن بعده عن فلسطين قطع ما بينه وبين تحول شؤونها في السنوات الأخيرة
على أن ذلك لم يحل دون نقده لليهود وانقسامهم ونقده للعرب وانقسامهم كذلك
وقد كتب السر متاجيو برتون توطئة للكتاب أشار فيها إلى خطة له من شأنها في رأيه أن تحل بعض مشكلات فلسطين، وقاعدة هذه الخطة منح العرب جميع الأراضي التي قررتها لهم لجنة بيل ماعدا يافا والنجب وتحويل الباقي إلى مستعمرة من مستعمرات التاج. ويكون هذا النظام تجربة. فإذا رؤى في سنة ١٩٥٠ أن في الوسع استئناف الشركة العربية اليهودية فعندئذ تمنح البلاد كلها مقام دمنيون. وإذا تعذر استئناف الشركة بين العرب واليهود وظهر أن تجربة المستعمرة أصابت نجاحاً فعندئذ تمنح البلاد ماعدا الأراضي التي استولى عليها العرب مقام دومنيون وتستبقي بريطانيا حقوقاً دائمة في مرفأ حيفا وأنابيب النفط والمطارات
والكتاب في ماعدا ما تقدم تلذ مطالعته وإن غلبت عليه مسحة التشاؤم، لأن الكاتب وقد رأى بعينه حدة النضال بين فريقي العرب واليهود، قلما تلوح له بارقة أمل في إمكان الصلح بينهما