طويل إلى غرفة صغيرة ملاصقة للمنصة التي تعزف عليها الموسيقى عادة في القاعة الكبرى لحفلات البلاط.
وكان قد سبقه إلى هذه الغرفة زملاءه الفائزون هذا العام من العلماء الجهابذة وكلهم من الانفعال محتقن الوجه أو شاحبه، وهم بالقياس إليه في ريعان الشباب لا يكاد يتجاوز أكبرهم الخامسة والثلاثين من عمره، والى جانبهم إيفان بونين في الثالثة والستين، بشعره الأشيب، ومعارف وجهه الكهل الممطوطة النبيلة، مما جعله أروع طلعة وأكثر هيبة
ولم تكد تنقضي دقائق معدودات حتى غصت القاعة، وتوزع في رحابها كالأشباح المتحركة ألفان من المدعوين هم أعلام العاصمة السويدية، وذاك في سكون ونظام لا تشوبهما شائبة، وكانت بذلة السهرة محتمة بلا استثناء، فالرجال في الزي الرسمي والسيدات في أبهى زينة
وكانت المنصة مغمورة بضياء ناعم لين، مزدانة بأزهار لا عداد لها سويدية الموطن وردية اللون، تتخللها أزهار وأفنان غريبة المنابت مجلوبة. وفي الصدر، لصق الحائط تقريباً، يقوم تمثال نصفي للملك من الشبه يجلله العلم السويدي وأعلام الأمم التي ينتمي إليها الفائزون هذه السنة، والظاهر أن حالة (بونين) الخاصة أثارت في البداية بعض المشاغل، ذلك أن الفائز الروسي خارج على البلاشفة وفي عداد من لا وطن لهم، والسويد معترفة بالدولة السوفيتية. فما العمل؟ لو رفع العلم القيصري القديم لترتبت عليه لا محالة تعقيدات سياسية، كما أنه لا يمكن النظر في رفع الراية الأخرى برمز المطرقة والمنجل. وأخيراً قرر القائمون على الاحتفال تخلصاً من هذه الورطة زيادة علم قومي يمثل صليبا أصفر في ساحة زرقاء
وقبل بدء الحفلة بدقائق قلائل احتل أعضاء المجمع السويدي الجانب الأيمن من المنصة، أما الجانب الأيسر فكانت فيه أربعة مقاعد ضخمة، خلت مؤقتاً، وهي مخصصة للفائزين الذين يتلهفون شوقاً إلى الظهور.
دقت الساعة خمساً، ونفخت الأبواق، ودوى صوت من ركن من الأركان يتعذر تحديده:
- صاحب الجلالة الملك!
ودخل القاعة الملك جوستاف الخامس، نحيف القامة، رشيقاً للغاية، يعرفه الرياضيون في الخافقين. وفي أثره جميع أفراد الأسرة المالكة، والأمراء والأميرات قادمين من أطراف