المملكة، وكبار رجال البلاط. فوقف جميع الحاضرين كرجل واحد، وانحنوا في احترام عميق، بينما كانت موسيقى غير منظورة تعزف النشيد القومي ويترنم معها الحاضرون أجمعون.
حتى إذا جلس الملك استوى الجميع في مجالسهم بخفة ولطف، ثم ما لبثوا أن قاموا بعد لحظة وقوفاً، وأصوات الأبواق تعزف، والسعداء الأربعة الفائزون يدخلون، وكان إفان بونين خاتمة الموكب وإلى جانبه السكرتير الدائم للمجمع السويدي. وبعد أن حيوا الملك ثم شهود الحفلة جميعاً، أخذوا أماكنهم
وهنا في الحقيقة يبدأ الاحتفال
قام أحد أعضاء المجمع، وبنظرة منه ساد الحاضرين صمت مطلق، وألقى خطاباً يعدد فيه مناقب الفائزين من جهابذة العلوم الطبيعية. ودوت الأبواق وملأت القاعة بأنغامها الجميلة. ونزل أحد العلماء الشباب الجهابذة من المنصة إلى القاعة، ودنا من الملك. فصافحه الملك مصافحة قلبية قوية، وعاد الفائز متأثراً ظاهر التأثر إلى مكانه يحمل شهادة، ونوطاً منقوشاً لتكريمه خاصة. وتعالى التصفيق عاصفاً قاصفاً. وتكرر هذا ثلاث مرات للعلماء الثلاثة. وأخيراً جاء دور بونين.
ولقد قضت التقاليد المريعة من سنوات عدة أن تعطى جائزة نوبل في الأدب آخر الحفلة. فهي ختامها. وكذلك كان الحال هذا العام. فلما أن عاد الفائزون الثلاثة الأولون إلى مقاعدهم على المنصة قام سكرتير المجمع - وهو الذي قدمه إلى لجنة التحكيم - قام في تؤدة، وأصلح في شيء من التعالم والتفيهق رداءه، وتوسط المنصة، وتلا بصوت خالجه الانفعال، ثم أخذ يتمالك شيئا فشيئا قراره وجهارته، خطابا باللغة السويدية عن القصصي الروسي، منوها بما بينه وبين تولستوي من واشجة قرابة فنية، مبينا بالتحديد الدقيق مكانته بين كبار المؤلفين الروس المشهود لهم. فلما فرغ من كلمته ترك لغته الاصلية، والتفت إلى إيفان بونين وخاطبه بالفرنسية قائلا:
- إيفان الكسيفيتش بونين، تفضل بالنزول إلى القاعة لتتسلم من يد صاحب الجلالة جائزة نوبل في الأدبالتي منحك إياها المجمع السويدي.
وكانت هذه اللحظة بالبداهة أروع اللحظات في الاحتفال وأشجاها تأثيرا. فقد قامت القاعة