كلها على قدم واحدة من تلقاء نفسها. واجتاز إيفان بونين المنصة، رافع الرأس، ولكنه شاحب اللون من التأثر. وعزفت الموسيقى لحنا مطربا. وطفق الجمع يصفق تصفيق من فاض به شعوره وجن جنونه. وقبل أن يبلغ إيفان بونين إلى موقفه بين يدي الملك تماما كان الملك قد وقف، ومد إليه يده بأريحية عامرة بالمحبة، فانحنى إيفان بونين انحناءة عميقة أمام الملك المعظم يسمع النطق الكريم:
- (أهنئك من كل قلبي! وأني لمبتهج معك بنجاح الأدبالروسي) فأجاب الفائز وصوته لا يخلو من رجفة خفيفة:
- (يا صاحب الجلالة أرجو أن تتقبل مني أجل شعائر العرفان وأعمقها)
وعندئذ ناول الملك إيفان بونين الشهادة في غلاف نفيس، ونوطا من الذهب نقش عليه أسم المؤلف ثم صافحه مرة أخرى
هذا والقاعة لا تني عن التصفيق كأنما تساجل بحماسها الموسيقى وهي تعزف النشيد القومي.
ورفعت الجلسة، ويمم الملك وحاشيته شطر الباب في وسط التهليل والهتاف الحار. ولما أن برح الملك المكان انطلق الجميع معجلين بالخروج لانه لا تمضي ساعة واحدة حتى تبدأ حفلة العشاء الكبرى لجائزة نوبل في حديقة الشتاء بالفندق الكبير
وقد أقيمت حفلة العشاء لثلاثمائة مدعو، في منتصف الساعة الثامنة تماما. فدخل ولي العهد الملكي جوستاف ادولف إلى القاعة والى جانبه مدام إيفان بونين واتجه بها إلى حيث أجلسها في صدر الوليمة في وسط المنضدة الرئيسية. وعلى مقربة من ولي العهد جلس بونين صاحب الجائزة بين الأميرة اينجريد، والامير اوجين من أنجال الملك
والموسيقى تعزف أثناء ذلك أعذب الأنغام
وبدأت الوليمة كالمعتاد بشرب نخب الملك ثم الهتاف له عاليا. وبعد تناول العشاء الفاخر، ألقى بونين بالفرنسية كلمة استغرقت عشر دقائق. وقد طالت الوليمة وامتد بها الوقت إلى ساعة متأخرة من الليل. وفي صبيحة اليوم التالي في تمام الساعة التاسعة توجه الكاتب الروسي إلى لجنة نوبل وتسلم حوالة بمبلغ ١٧٠ , ٣٣١ كورونا سويديا، أو بعبارة أخرى نحو ٨٠٠٠ جنيه وهي اكبر قيمة أصابها كاتب روسي على آثاره الأدبية