حول النواة مركز الذرة، كما تدور الأرض حول نفسها ثم حول الشمس، على أن هذه المجموعة من الذرات تكون جزءاً دقيقاً من الماء ذكرنا فيما تقدم أنه في حركة دائمة ذهاباً وإياباً، صعوداً وهبوطاً، بالنسبة لمجموعة الجزيئات الأخرى المكونة لنقطة الماء. هذه الحركة الأخيرة كبيرة جداً بالنسبة لحركة الإلكترون الدورية المتقدمة، حتى أننا نرى أثرها إن لجأنا إلى تلوين هذه النقطة بأية مادة كولويدية واستخدمنا الالترابيكروسكوب. على أن هذه الجزيئات المكونة للنقطة تدور مع الأرض حول محورها بل تدور مع الأرض حول الشمس - على أن الشمس بدورها تدور ومعها الأرض والسيارات التسعة دورة أخرى مداها حوالي ٣٠٠ مليون سنة لتعود إلى وضعها الأول بالنسبة لمجموعة الشموس التي هي إحداها. على أن هذه المجموعة من الشموس ومنها شمسنا تبتعد في الحيز بالنسبة للمجموعات الأخرى المجاورة لها، وتبلغ سرعة ابتعاد بعض هذه المجموعات أو العوالم بعضها عن بعض ٢٥ ألف كيلو متر في الثانية أي أنها تقطع في الثانية الواحدة مسافة كالتي تفصلنا عن الصين، وهكذا لو أردنا أن نبحث حركة الإلكترون، أصغر ما في نقطة الماء أو حركة جسيم آخر في الورقة الحاملة نقطة الماء، بالنسبة للحيز، لتملكنا الدهشة، ولأدركنا أن كل ما في الحديقة، على ما يبدو عليها من هدوء ظاهر، بعيد جد البعد عن السكون والراحة
إنما ذكرنا ما تقدم لأن العلوم اليوم تتقدم نحو مقصد جديد، ذلك أنها تحاول الرجوع بالأشياء إلى علاقات مكانية زمانية - وعندما يصل الإنسان إلى الرجوع بكل الظواهر إلى مثل هذه العلاقات، في الزمن وفي المكان، نكون قد اقتربنا من قمة العلم ونهاية المعرفة. أما وقد تعرضنا للحياة وهي التي تبدو لنا مظهراً من مظاهر المادة فلنحاول أن نعرف إلى أي مدى وصل بها العلماء في هذا السبيل.
قبل أن نتكلم عن المادة الحية كالخلية وجسم الإنسان ونبحث هل تمكن العلماء في تجديد جسيماتها بعلاقة مكانية زمنية يجمل بنا أن نشرح للقارئ إلى أي درجة وصلوا بالمادة الصماء (عادمة الحياة) إلى مثل هذا التحديد.
يتكون الجزئي للعناصر المادية كالحديد والذهب من مجموعة من الذرات وقد ثبت أن الذرة ليست أصغر ما في المادة، ذلك أنه أمكن عمليا فصل الإلكترونات عن الذرة وإثبات