وجودها فيها، وقد تبين ذلك في بادئ الأمر أولاً لوجود ما نسميه الذرات المتأينة في المحاليل وهي ذرات فقدت أو اكتسبت إلكترونات وهذا ما يثبت وجود الإلكترون في الذرة؛ وثانياً لما يمكن أن تصدره الذرة من الإشعاع، وما دام الضوء موجات كهربائية فلابد أن هذا الإشعاع نتيجة لعملية كهربائية حدثت داخل الذرة نعلم الآن أنها حركة الإلكترونات أي ذرات الكهرباء داخل الذرة
ويطول الشرح لو أردنا أن نذكر للقارئ سلسلة التجارب الطبيعية التي تثبت ذلك. ولعل النتائج التي نشأت عن اكتشاف (بكارل) الفرنسي للنشاط الإشعاعي واكتشاف مدام كيري أستاذة السوربون للراديوم، لا تجعل اليوم مجالاً للشك في إثبات حقيقة تفتت الذرة الكيميائية وأنها تتركب من مركز رئيسي يسمى النواة ومن عدد الإلكترونات تدور حولها
هذا التركيب الذري كان وما زال هدفاً لسلسلة من الدراسات الطبيعية التي ترمي إلى معرفة النموذج الذي تتألف منه الذرة أي صورتها المكانية سواء فيما يخص النواة أو الإلكترونات التي حولها. ولقد كان للعالم الإنكليزي المعروف رذرفورد الخطوة الأولى لمعرفة هذه الصورة المكانية للذرة. وتنحصر دراسته الأولى في قذف الذرة أي ضربها بإشاعات مختلفة، ودراستها ودراسة هذه الإشعاعات بعد ذلك. وقد اثبت بهذا أن الذرة مجموعة لجسيمات منفصلة الواحدة عن الأخرى ولكنها مرتبطة بعضها ببعض بقوة جاذبية تعادل قوة دوران هذه الجسيمات حول الذرة وبعبارة أخرى اكتشفت (رذرفورد) في الذرة نظاماً شمسياً يشبه نظام مجموعتنا الشمسية، ولكن يختلف عنه في أن القوة الجاذبية في المادة قوة كهربائية بين شحنة موجبة وشحنة سالبة بينما القوة بين الشمس والأرض هي القوة الجاذبية النيوتونية أي بين الكتلة والكتلة
على أن نظريات (رورفورد) وغيره الخاصة بنماذج الذرات المختلفة لم يكن التقدم في كل حالة حليفها، فقد تقدمت تارة وعثرت أخرى، ونرى ونحن نطالع الآن اجمل باب تعثر عليه في فلسفة العلوم الطبيعية كيف اتخذ نظام رذرفورد الشمسي للمادة طريقاً متعرجاً غير مستقيم، وإن شئنا أن نسطر هنا ما صادف هذه الآراء من عقبات ووثبات لسطرنا نصف العلوم الطبيعية الحديثة، ولكن لا مناص من أن نلخص يوما هذه المسائل وهي من أبدع ما وصل إليه الفكر البشري من الجمال والتنسيق، عندئذ نذكر قصة بالمير ثم انتصارات