فجأة، وقلت وأنا أضع السماعة على أذني (نعم)
فسمعت صوت زوجتي يقول لي: (أبو خليل. . . مبروك!)
فسألتها مستغرباً: (ماذا؟ مبروك إيه؟)
قالت: (بالهناء والرفاء والبنين! لماذا لم تخبرنا لنفرح لك معك؟)
قلت: (عن أي شيء تتحدثين؟ رفاء، وبنين. . .؟! ما هي الحكاية؟)
قالت: (برقية وردت بتهنئتك بعروس جديدة. . . هل أقرأها لك في التليفون؟ أو يكفي أن أذكر لك اسم مرسلها؟! وقبل البرقية دق الباب رجل وسأل عنك، فعرف أنك خرجت فكلفنا أن نبلغك تهنئاته القلبية. فلم نفهم، ولكنه انصرف قبل أن نتمكن من سؤاله. على أن البرقية ما لبثت أن جاءت ففهمنا كل شيء! مبروك، على كل حال)
فأيقنت أن أكاذيب إبريل كلها ستقذف عليَّ في هذا اليوم السعيد. وقلت لها: (آه، كذبة إبريل. . . اشكري عني المهنئين والمهنئات. فإني الآن مشغول بالعروس، أبثها حبي، وأناجيها بما يجن قلبي لها! ألا تسمعين؟)
فألقت السماعة، ولم تجب! والمصيبة أن النساء أميل إلى تصديق كل ما يثير غيرتهن، ولو كان كل شيء يدعو إلى نقيض ذلك فإني لا آكل شيئاً ويغري بالاطمئنان.
وخرجت، فمررت بصاحب لي، فقم لي شوكولاته، فاعتذرت فإني لا أكل شيئاً بين طعامين، فألح، فأصررت على التأبي، فاقترح أن أنتقي بضع قطع أدسها في جيبي، وآكلها حين أشاء فلم أر في هذا بأساً فأجبته إليه. وعدت إلى البيت، وخلعت ثيابي لأستريح، فسألتني امرأتي: (معك سجاير)؟!
قلت: (في جيبي. . . خذي ما تريدين)
فدفعت يدها في جيبي وقالت، وهي تخرجها وتتأمل ما عثرت عليه: (آه. . . شوكولاته العروس)!!
قلت: (لا تكوني سخيفة. . . هذه أعطانيها فلان).
فألقت في فمها واحدة، وهي تضحك، وإذا بها تلفظها فجأة وتصيح وقد عبست جداً: (ما هذا القرف؟)
فسألتها: (قرف؟ أي قرف يا شيخة؟ مالك في هذا النهار؟)