قالت:(تضحك عليّ، وتغريني بأكل شوكولاته حشوها ثوم وفلفل، وتزعم أن فلاناً أعطاكها؟! أي مزاح هذا؟ هل ارتددت طفلاً؟ ألا تجد أحداً غيري تمازحه هذا المزاح البارد؟)
فقلت - وأنا أحدث نفسي -: (شوكولاته بثوم وفلفل! يا امرأة، هل سمعت بالمثل العامي: تكون في فمك فتقسم لغيرك؟ أنا كنت المقصود بهذا المزاح البايخ، ولكني نجوت ووقعت أنت؛ وما يخالجني شك في أن هذا أبعث على سرور صاحبي الذي أهدى إليّ هذه الشوكولاته! ولكنا لن نخبره بشيء، وسندعه بضعة أيام يتقلى وبوده لو عرف ماذا كان من أمرنا. . . لا بأس! سأجزيه سوءاً بسوء! فانتظري!)
فظلت تصيح وتسأل عما عسى أن تصنع الآن، فقد فسد طعم فمها، وأكبر ظنها أن رائحة الثوم ستظل بأنفاسها، فاقترحت عليها أن تشرب قليلاً من الكولونيا!
فهزت رأسها وقالت:(تريد أن تقتلني لتخلص لك عروسك الجديدة، ويصفو لك الجو معها!)
فسكت ووضعت إصبعي في الشق، بل وضعت أصابعي العشر كلها في الشقوق فما من سبيل إلى إقناع المرأة بسخافة الغيرة
وأحسب أن الكذب يطيب في أحيان كثيرة، بل أحسبه لازماً للإنسان، وعسى أن يكون الصدق متعبة شديدة، ولعل التزامه في كل حال مما لا يطاق
ولكن من الكذب ما هو بريء، وما هو سوء يحسن اتقاؤه وأنا مستعد أن أضحك، وأن استظرف نكات الإخوان وأستملح دعاباتهم، ولكن لا أظن أن ما ذكرت يدخل في باب الفكاهة المستملحة. وقد يكون هذا وما إليه محتملاً، ولكن الفظيع أن ينعى لك صديق وهو حي يرزق، فتخف إلى داره لتعزي أهله، ويلقاك ابنه أو أخوه، ولا ترى في وجهه حزناً أو سهوماً، فلا تستطيع أن تقص عليه الخبر الذي حملك إليه، ولا تجد ما تسوغ به هذه الزيارة في ساعة غير مألوفة! وبعض الناس يضحكهم ويسليهم هذا الضرب من المزاح! ولم لا؟ كل ما سر جائز. . .