وهأنذا أورد أنموذجاً من هذه الأدلة التي يقضي بها الأستاذ كرم قضاء مبرماً على زميله:
أبيات أبي شبكة من قصيدة شمشون:
شبق الليث ليلة فتنزَّى ... ثائراً في عرينه المهجور
تقطر الحمّة المسعَّرةُ الش ... هباء منه كأنه في هجير
يضرب الأرض بالبراثن غضبا ... ن فيصدى القنوط بالديجور
ووميض اللظى يغلّف عين ... يه فعيناه فوهتا تنور
ونزا من عرينه تتشظى ... حمم من لظاه في الزمهرير
والهاث المحموم من رئتيه ... يشغل الغاب في الدجى المغرور
وهذه ترجمة الأبيات التي يتهم شاعرنا باختلاسها وهي من قصيدة آلهة الغاب لألفريد دي فينى:
(ورأى النمر جبابرة الغاب يذهبون إلى بعيد بالنمرة دون أن يتمكنوا من حجبها عن نظراته الملتهبة، فوجم وتململ، فاهتز الغاب لهزيم صيحاته، وتدفق الزبد من شدقيه سائلاً على لسانه المشتعل، واشتد احتدامه فانطلق محطماً قيوده)
ويقول صديقي كرم بعد إيراد شعر السارق الوقح وشعر المسروق المسكين:
أليس النقل حرفاً بحرف؟ ألم نقبض على اللص الأديب بالجرم المشهود؟ أيجوز للأدب العربي أن يرضى عن هذا الشعر المسروق حتى بتكته وحذائه؟
فليسارع إلى نجدة الأستاذ كرم للدفاع عن الأدب العربي من يشاء إذا وُجد أديب يأخذ بحكمه. أما أنا فأجيز لنفسي أن أقول إن قطعة دي فيني فضلاً عن أنها في واد وقطعة أبي شبكة في واد من حيث معناها ومبناها لأبعد حتى في اصلها الفرنسي من أن تداني أبيات شاعرنا العربي في سمو الخيال وروعة البيان
متى نحول إيماننا بكل ما هو غريب عنا إلى ثقة بأنفسنا؟ ومتى يسود التضامن والإخاء بين من لا يجدون غير النصب والشقاء في سبيل هذا الأدب العربي الذي تتوقف على إحيائه حياة الأمة العربية
(الإسكندرية)
فليكس فارس