للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

متلألئة، أما باقي سطح الماء فعادي إذا استثنينا اختلاف ألوان تموجاته في مواضع.

هذه اللوحة الفنية بإطارها المعشوشب، أوضحت أمامي صفحة من صفحات شهيرات النساء منذ أبعد الحقب، ومن ثم اطمأننت أنه يعتمد عليهن في فتح الكتب المغلقة وفهم غوامضها وتكييف الأقدار. وهذه الناحية من سطح الماء، التي تتلألأ عليها النجوم الساطعة، إنما تدل على شهيرات النساء اللائى جذبن انتباه العالم لخطورة مراكزهن كالملكة حتاسو، وفكتوريا، والسيدة خديجة، ومثيلاتهن ممن حكمن المماليك، وشرعن، وشيدن أسس العمران وسُسن مصلحي البشر؛ أو مدام كوري ومن على شاكلتها من العالمات، والمخترعات؛ أو كالسائحات والكاتبات اللائى يدرسن البشرية عملياً ويسجلن تاريخ البشر التجريبي؛ أو كرسولات السلام والمودة من أشباه أميرتنا المحبوبة فوزية.

وفي الحق أنه ينطوي في شخصية مثيلاتها تضحية، وأقوى شجاعة، وأحد نظرة وأجدها.

يا له من مركز خطير! يضطلع به الرجل فيثقله، فما بالنا إذا ما اضطلعت به امرأة؟! من غير شك تكون المسئولية أعظم، والتضحية أوفر، والإرادة أمتن

يا أيتها المرأة إنك ضحية الوجود، وزهرة الوجود، فيا له من شوك وشذى في وقت واحد!

أذكر عندما حمل البشير إلى فكتوريا نبأ تنصيبها ملكة على عرش بريطانيا العظيم، تلقت الخبر السار بذهول لهول المسئولية، وكانت سنها لا تزيد على الثامنة عشرة، ولكن ذاك الذهول، وذاك الهول، لم يثنياها عن المبدأ الذي ألهمته، وكان سبب نجاحها إذ أجابت بعد صمت لحظات سأكون صالحة. قول قصير ولكنه منطق حكيم ومبدأ متين

وهكذا عاشت الملكة فكتوريا عمراً مديداً، وحكمت خمسين عاماً من أحسن وأنفع السنين التي مرّت على بريطانيا. ولا يزال حب فكتوريا مستقراً في القلوب. تعرفت إلى سيدة إنجليزية عجوز في إحدى ضواحي لندن، فلما توثقت عرى الصداقة بيننا، أرادت أن تقدم إليّ هدية من أثمن ما تملك، فسارت معي إلى خزانة أنيقة من البلور، وأخذت منها علبة فضية ثمينة، أخرجت منها شيئين صغيرين، ولكن بدا على السيدة الاهتمام والرعاية لهما

بدأت تفض الأغلفة التي أحاطت بالدرة الثمينة على ما ظننت، وأيقنت أنني سأنال شظية من تلك اللؤلؤة النفيسة، وما كان اشد دهشتي عندما وجدت أن الجوهر المغلفة لم تكن أكثر من قطعة صغيرة من كعكة عرس الملكة فكتوريا!!

<<  <  ج:
ص:  >  >>