بعد الجرعة في اعتدال وهدوء. فلما انتهى من الطعام قام فوضع ذراعه على كتف مدام منريت وأشار إلى زجاجة من نبيذ بردو عرفها لمجرد النظر إليها، وكان يخاطبها باسم ماما فقدمت إليه شيئاً منها
وفي أثناء تناول القهوة دعاهم الدكتور للتدخين، فقام فاتو دون أن يشير إليه أحد بذلك فقدم إليهم لفافات التبغ. ولم ينس أن يوقد لكل منهم لفافته ثم تناول لفافة فأوقدها وجلس يدخنها بلذة واستمتاع
وكان فاتو يرتدي قميصاً فسيحاً وسروالاً خفيفاً وينتعل حذاء من الخيش. وقد أعد له الدكتور حجرة خاصة تحتوي على منضدة وكرسي وسرير ومشجب وبها حمام خاص يستعمله بنفسه وهو يتنقل في حجر المنزل بحرية تامة
وقد شرح الدكتور منريت طريقته في تربية هذا الحيوان فقال: إنه لم يدربه على شيء كما يفعل أصحاب السيرك، وإنه ألف هذه الحياة من تلقاء نفسه ولم يعلمه أحد من الأسرة أي شيء. وقال إن تربيته تختلف عن تربية الأطفال، فقد تعلم من تلقاء نفسه كيف يفتح الباب أو يغلقه، وكيف يفتح النور وكيف يستعمل الشوكة والملعقة والسكين عند تناول الطعام، وهو ينطق كلمة (ماما) أحسن من أي كلمة أخرى وقد حفظها عن أطفاله. ومن رأى الدكتور منريت أن هذه الكلمة هي أول كلمة نطقها الإنسان بدليل وجودها في جميع اللغات وينطقها القرد آلياً بمجرد فتح الفم وإغلاقه مرتين