الخندق: إن النبي كان يقول فقرة ويرد عليه الصحابة بفقرة، (وظاهره أنهم كانوا يجيبونه تارة ويجيبهم أخرى).
ومعنى هذين التعليقين أن هناك نغمة لكل هذه الأقوال، أي أنها كانت ملحنة. وما لنا نستدل على الترتيل أو التنغيم بمثل هذا الاستدلال ونحن نرتل نشيد غزوة الأحزاب بلحن موسيقي عقب صلاة العيد الأكبر؟ ثم مالنا نستدل على أن القول كان ملحناً بألحان موسيقية، وهو لا يمكن أن يقال إلا مصحوباً بنغمة موسيقية؟
فأنت ترى أن هذا النشيد هادئ رصين، وقد قاله النبي لأول مرة بعد عودته من غزوة الخندق، ولكنه صار يقال بعد ذلك عند العودة من كل غزوة، وكان يقال والجنود سائرون، وكان يقال ملحناً على لحن السير؛ فهو وفقاً للتعبير العصري:(مارش)
وليس يغير من طبيعته أنه ليس بالشعر، فليس من الضروري أن يدخل كل قول موسيقي في دائرة عروضية من دوائر الخليل بن أحمد. وإن تحدي الشعراء بما ليس من الشعر وليس من النثر، كان صبغة اصطبغ بها هذا الجيل.
ولكن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكتف بألحان المسير، بل أعد أو أمر بأن تعد له ألحان للعمل أيضاً. ولقد تقدمت الإشارة في هذه الكلمة إلى لحنين رتلا في أثناء العمل بحفر الخندق وحمل التراب منه على المتون ليكون جسراً على الخندق. أما أحدهما فهو من جزأين: جزء يقوله النبي، وجزء يرد به الصحابة عليه. ويقول شارح البخاري:(وظاهره أنهم كانوا يجيبونه تارة ويجيبهم أخرى).
لحن النبي:
لا هُمَّ إن العيش عيش الآخرة
فاغفر الأنصار والمهاجرة
لحن الصحابة:
نحن الذين بايعوا محمداً
على الإسلام ما بقينا أبداً
أما اللحن الآخر فقد كان يقوله النبي والصحابة جميعاً في أثناء حفر الخندق، وهو من وضع عبد الله بن رواحة أحد شعراء النبي وقائد من قواده، وهو: