وأنت قرأت مقالي في نقد كتابك، وقرأت مقال الدكتور عبد السلام الكرداني بك، فهل قرأت مقالات الأستاذ ساطع الحصري بك، وقد نبهتك إليها منذ أكثر من شهرين؟
أنت صرحت مرات كثيرة بأن العقلية المصرية عقلية يونانية، وأن تلك العقلية تجب مراعاتها في التعليم والتثقيف، أفتظن أن هذا الأساس لا يزال صالحاً لأن تقيم عليه عملك الجديد؟
وأنت دعوت إلى تعلم اليونانية واللاتينية بحجة أنهما أصل للحضارة الأوربية، فهل تظن أن تلك الدعوة لا يزال لها في مصر والشرق مكان؟
أيها الأستاذ الجليل:
إنك لا تفرق بين ما يقال في حُجرات كلية الآداب لتثقيف عدد محدود من الطلاب، وما يقال في وزارة المعارف لتثقيف السواد الأعظم الذي تدخره الأمة للنهوض بأعباء العصر الحديث.
وإليك بعض التفاصيل:
أنت سعيت سعيك لسيطرة الجامعة على السنة التوجيهية، فهل تعرف كيف كانت العواقب؟
أردت بعقليتك (الجامعية) أن تفرض على الطلبة دراسة كتاب (نقد النثر) لقُدامة بن جعفر، فهل تظن أن نصوص ذلك الكتاب مما تسيغه عقول الطلبة في السنة الخامسة الثانوية؟
كان يجب أن تشتغل بالتدريس في القسم الثانوي سنة أو سنتين قبل أن ترشح نفسك لوضع منهج الأدب بالمدارس الثانوية.
كان يجب أن تذكر مصير كتاب (المجمل) عليه رحمة الله! وهو الكتاب الذي انتظم تاريخ الأدب من عصر امرئ القيس إلى عصر شوقي، ومع ذلك كان من الحتم على طلبة السنة الثالثة أن يدرسوه في عام واحد!
ولكن لا بأس، فقد أعانني الله على وأد ذلك الكتاب ومؤلفوه أحياءٌ ينظرون!
وأنت سعيت سعيك إلى أن يكون منهج الأدب في السنة الخامسة خلاصة لتاريخ الآداب اليونانية واللاتينية، وأتعبت نفسك في تأليف مذكرات يستعين بها المدرسون على فهم ذلك المنهج الطريف!
فهل تستطيع أن تدلني على أمة واحدة كان فيها منهج الأدب القومي خلاصة لآداب أمة