للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الإدارة تسجيل اسمها. فالأمر إذن لدى رجال البوليس يتعلق بالتسجيل. ولما كان موجبه هو الرزق قد وجد الكثيرات من البغايا مهرباً منه لأن هذه الشبكة واسعة الخروق، وأكثر البغايا حقاً يحترفن حرفة مكسبة. ففي ألمانيا نوع من الحانات تعمل فيه أجيرات. وفي أماكن أخرى مغنيات وراقصات وذوات حرف مماثلة، وكلهن في الواقع بغايا يتخذن هذه الحرف ذرائع لاستجلاب الرجال ويحتمين بها في نفس الآن من واجب للتسجيل على اعتبارهن محترفات. ومتى سقط عنهن التسجيل سقط كذلك عند البوليس وصفهن بالدعارة.

ومما يدل على أن هذه الحرف التي لا تقوم أجورها بالأود أو التي إنما تنتحل ستاراً دون قوانين البوليس، أن علاقة هؤلاء النسوة بحرفهن علاقة تكاد تكون اسمية من حيث المواظبة من جهة والأجر من جهة أخرى، وقد قام مستشفى زيوريخ بإحصاء للمريضات بأمراض تناسلية اللواتي عولجن فيه في عام واحد فكانت النتيجة أن عدد المريضات ١١٧٧ منهن ٧ وتسعة أعشار في المائة من المومسات وستة وسبعة أعشار في المائة لا صناعة لهن وخمسة وثمانون في المائة وأربعة أعشار من ذوات الحرف. فمن الواضح إذن أن التعريف الإداري للبغاء إنما هو تعريف لا يتفق مع الواقع. ويرى الأب (دوشاتليه) في تعريف الدعارة (أنها هي الجرائم الخلقية التي يدفع عنها أجر وترتكب في أماكن أنشئت بمقتضى القانون، ولا تعتبر المرأة فيها مخالفة إلا بأن يشهدها شاهد غير متهماً وغير رجال البوليس).

وهذا التعبير يخرج الدعارة السرية إخراجاً تاماً من التعريف فهو لا ينطبق عليها. وإنما يكفي لتحديد الغرض الضروري في نظر رجال البوليس.

وعلى الخلاف من هذا التحديد الشديد الضيق أرى للأسباب التي سأسردها بعد قليل أن الدعارة تتميز باجتماع ثلاثة عناصر مختلفة. وهي (١) العوض (٢) التعدد (٣) فقدان العاطفة.

وليس من الضروري أن يكون العوض نقداً؛ فإن الهبات والهدايا والاصطحاب في مجال اللهو - كل ذلك وهو مما لا يحصل عليه إلا بالنقد يعتبر عوضاً.

وليس كذلك من الضروري أن يكون شرط التعدد مانعاً من الاختيار، فإن اتصاف المرأة بالدعارة لا ينفيه أنها تختار مَن تشاء وترفض حين تشاء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>