وأما شرط فقدان العاطفة فهو أوضح من الشرطين السابقين وعلى هذا الأساس تعتبر المرأة داعرة متى اتصلت اتصالاً جنسيّاً من أجل الأجر أو الهدايا برجال متعددين سواء كان هذا الاتصال عرضيّاً أو احترفته. وليس من الضروري بعد ذلك أن تكون مفضوحة السمعة ولا أن تكون قد اعتقلت ولا عديمة الكسب من حرفة؛ فقد لا تكون المرأة سيئة السمعة ولا من صواحب السوابق ولا من الخاليات من العمل لكنها مع ذلك بغي.
وعلى أساس هذا التعريف للدعارة يكون مداها قد اتسع وتكون ضرورة علاجها أمَسّ؛ وهذا الذي أرجو أن أدل عليه.
فالعوض وفقدان العاطفة وتعدد الرجال سواء قلوا أو كثروا، كل ذلك في المدن العصرية لا يميز العلاقة الجنسية للبغي المحترفة وحدها. بل هذه الصفات للداعرة السرية أيضاً، بل إن أردنا التسمية بالاسم الصحيح فهذا التعريف يشمل أنواعاً كثيرة من الداعرات المحترفات اللواتي لا يعرف حقيقتهن إلا زميلاتهن في البيوت السرية كما يشمل المرأة العادية التي تخرج بين حين وآخر من هدأة الحياة إلى هذا النوع الشاذ منها، ويشمل كذلك ذوات المراكز المصونة اللاتي قد يزاولن عرضاً هذه الرذيلة دون أن يمسسن ظاهر شرفهن. ويشمل كذلك المتسترات بحرفة من الحرف، واللواتي تتخذ إحداهن خليلاً واحداً ريثما تستطيع الاستبدال به من تراه خيراً منه، واللواتي تخادن إحداهن أكثر من خليل واحد لعدم استطاعة فرد من هؤلاء الأخلاء القيام بأودهن، واللواتي تخون إحداهن خليلها الواحد مع فرد أو أكثر طلباً للنفع. وأخيراً يشمل هذا التعريف النسوة المتزوجات ولسن جميعاً من الطبقة الدنيا بل فيهن من سائر الطبقات وكلهن في نظر العالم بريئات يرتفعن عن مظنة الكسب من الزنا ولكنهن في الواقع يحببن من يصحبهن إلى أماكن اللهو.
فهذه ثمانية أنواع تخرج عن التحديد الضيق الذي يقيد صفة الداعرة في نظر البوليس. ولكن هذه الأنواع جميعاً تدخل تحت عنوان الدعارة إذا ما تميز هذا العنوان (١) بالعوض (٢) وبالتعدد (٣) وبفقدان العاطفة. أي أن الدافع للصلة لم يكن وجدانياً بل هو نفعي. ولكن دون هذا كله سؤالاً لابد منه وهو لماذا نعترض على البغاء على أي نوع من أنواعه؟
والجواب واضح وهو أن الزنا بغيض لأسباب كثيرة. فأما أولاً فلما يترتب عليه من الانحلال الشخصي.