بقي أن نشير إلى الجدل الأدبي القائم بين الروس والفنلنديين بصدد هذه الملحمة وأصلها، وهو جدل له مظهره الخاص إذا نظرنا إليه على ضوء الحرب الناشبة اليوم بين الدولتين
يقرر علماء (الفولكور) الفنلنديين والألمان أن أناشيد هذه الملحمة جمعت من المقاطعات الواقعة حول مدينة هلسنكي ويتوسلون بها لتدعيم مطالبتهم بمقاطعات (كاريلي) و (إنجري) وغيرهما من المقاطعات الروسية
وينفي علماء (الفولكلور) الروس هذه المزاعم ويؤكدون أن (لونرو) لم يجمع هذه الأناشيد من المقاطعات التي تتألف منها فنلندا اليوم بل من الجزء الشرقي لمقاطعة (كاريلي) وهي المعروفة باسم (جمهورية كاريلي الاشتراكية السوفيتية المستقلة)
وقد نشرت صحيفة (فيتشرنيا ياموسكوفا) الروسية بتاريخ ٢٦ يونيو الماضي مقالاً عرضت فيه لهذا الجدل جاء فيه أن القصائد التي جمعت في الطبعة الأولى التي ظهرت سنة ١٨٣٥ تلقاها (لورنو) من فلاح يدعى (برتونين) كان يسكن في ناحية (أولونه) من مقاطعة (كاريلي). وقد ذكر المسيو (بيريه) الذي يعد اليوم أكبر حجة في فرنسا في الأدب الفنلندي، أنه ذكر في كتابه (مظاهر الأدب الفنلندي المعاصر) أن الشعب الفنلندي الأمي الذي يدين بالأرثذكسية والذي يقيم بمقاطعة (كاريلي) الروسية قد أحتفظ بتقاليد القبائل القديمة، وأن هذه التقاليد بادت في فنلندا نفسها بتأثير التعاليم البروتستانتية. وأضافت الصحيفة الروسية إلى ما تقدم أنه بينما لا نجد واحداً في الجزء الغربي القبلي من فنلندا يروي هذه القصائد والأناشيد، نلفي شيوخاً كثيرين في (كاريلي) يحفظونها ويروونها، وذكرت اسم سيدتين تسكن إحداهما موسكو. ثم قالت: إن بدعة نسبة أناشيد (كاليفالا) إلى فنلندا لم تظهر إلا في أواخر القرن الماضي، وحملت الصحيفة الروسية على الذين قاموا بطبع هذه الملحمة باللغة الروسية سنة ١٨٣٣ لأنهم نسبوا هذه الملحمة لفنلندا ولم يمحصو ما قرره علماء (الفولكور) الفنلنديون
وهكذا يحاول الروس أن ينتزعوا من الفنلنديين ملحمتهم الوطنية التي تعد مصدر إلهام عظيم لشعرائهم وفنانيهم، ومبعثاً للحماس وروح الوطنية في نفوسهم