ولما توثق ما بينهما اشتهى أن يكون وإياها رجلاً مع امرأة؛ ولعلها اشتهت مثلما اشتهى لأنها قالت له في صباح يوم سبت من أيام الربيع، وهما يتواعدان أن يلتقيا غداً في مطعم فاخر:
- قبل أن نذهب أحب أن أقول لك كلمة، وأمامنا عشرون دقيقة نستطيع أن نقول فيها كلمات. . .
وتغافل هو عما أحس من اضطراب جسمها واهتزاز ذراعها في ذراعه وهي تلقي إليه قولها، قالت في صوت خافت:
- أحب أن تعلم أنك ستطوي نهارك مع فتاة شريفة لا تحب أن تذهب مع رجل حتى يتعهد باحترامها. . .
وتوهج خداها وحرّت أنفاسها وتعنّف اضطرابها، فلم تعد تملك أمر نفسها فسكتت، وسكت هو لا يدري ماذا يقول فقد كان في حسابه أنه سيمتع نفسه بكل ما يمكن أن يفعله رجل يحب فتاة. وإذ لم يحر جواباً ثنت هي تقول:
- إنني لن أذهب معك حتى تتعهد باحترامي
ولما برحا المطعم الموعود سارا معاً على ضفة النهر يمتعان أعينهما بالماء الحالم في هُدأًةِ الأصيل وبالجو السجسج الدافئ. وكانت لمعة الضوء تتكسر على صفحة الماء الحابي، والأسماك تتواثب وتتلاعب ثم تنغمر في الماء. وأشعت الشمس تسيل فتصبغ الماء والحشائش والأفق بلونٍ رهيب. . . كان كل ذلك يزيد من جمال النهر ويكسبه روعة وجلالا
وتفاعلا في روعة هذا الجمال الضافي فراحا يلعبان ويثبان. وراحت هي تشتبك في ذراعه ثم تتركه لتدفعه من ظهره. ثم تجري منه ضاحكة ثم تؤامنه لتنحني فتجمع له الزهر النامي على حافة النهر وتقدمه له أو تلقيه في الماء. وظلا هكذا - كطفلين غريرين - حتى جرت دمائهما. ثم سارا هادئين لحظة لأنها بدا لها أن تقول له:
- ماذا تضن فيّ وقد جئت معك منفردة!
- إن هذا أمر عادي مألوف
- لا. ليس عادياً ولا مألوف، ولكني مع ذلك لا أظن إنني أكره مثل هذا الطيش، ولي أم