العقوبات (٥) الأحوال التي يفصل فيها العامل بغير إنذار.
أما حقوق العامل الثابتة في اختيار عمله، وهي الحقوق التي طالما رفع هتلر عقيرته بها، فقد تحولت في السنين الأخيرة إلى لعنة أبدية، فلا يصبح للعامل بمقتضاها أن يغير العمل الذي يشتغل فيه، أو يرفض العمل الذي يقدم اليه، ولا يسمح له حتى بالانتقال من بلد إلى بلد آخر.
لقد كان العبد الرقيق في القرون الوسطى، يستطيع أن يأبق من مقره بالمدن إلى الموانئ إذا رأى قسوة من سيده، ولكن رقيق النازي - على خلاف ذلك - فعليه أن يبقى حيث هو، فاقد الحيلة محروماً من المساعدة إذا نشدها من أي إنسان، أو ذهب يبغيها في أي مكان.
أما صغار التجار فهم يعاملون معاملة أقسى من هذه المعاملة، فبينما هم يعملون على التخلص من منافسة المخازن الكبرى - التي تحولت ملكيتها إلى أيدي الرأسمالية الآرية - إذا بهم يواجهون حرباً لا هوادة فيها تسوقهم بغير رحمة إلى الدمار والضياع. فعلى الرغم مما يعانون من نظام الاحتكار، يرهقون بزيادة الضرائب الفادحة على تجارتهم، مما جعل الإفلاس والدمار يحل بآلاف وآلاف من هؤلاء التجار، فلم يجدوا أمامهم غير الالتجاء إلى المصانع للاشتغال فيها.
وقد أعلنت الحكومة الاشتراكية الوطنية جميع التجار الذين تقل ماليتهم عن مقدار معين، بأن يغلقوا أبوابهم، فترتب على ذلك إغلاق ستمائة مخزن للألبان (بهامبورج) وحدها في نهاية سنة ١٩٣٨، وكذلك الشأن في غيرها من البلدان. وقد صدرت أوامر حديثة من الحكومة إلى تجار التبغ باعتزامها إغلاق أكثر من أربعين ألف من محلات تجارة الطباق. أما عذر الحكومة في هذا التعسف الغريب، فهو حاجتها إلى العمال لصناعة السلاح.