وامتزجت نظم الطوائف والفتوة والأخوة في الأناضول بسرعة وتم ذلك في كل البلاد الإسلامية المتوسطة (مركزاً) في القرن الخامس عشر. وقد جاءت معظم وثائقنا عن النظام الداخلي لهذه الطوائف بوساطة طوائف الفتوة. فكان لكل طائفة قانون يحتوي على قواعد وعادات وشعائر يتلى شفهياً عادة. وكان هذا القانون يعرف بالدستور (كلمة فارسية معناه: إذن. مؤخراً. نظام) وكانت تكتب هذه القوانين في بعض الأحيان وقد وصلنا عدد كبير من هذه الكراريس ترجع إلى القرن الرابع عشر وما بعده. ويعتبر كتاب الفتوة أو (فتوت نامه) كما تسمى هذه الكراريس بالعربية والتركية على التوالي مع عدد من كتب الرحلات والجغرافيا المصدر الأساسي لمعلوماتنا وتتألف جميع هذه الكتب تقريباً حسب خطة واحدة من ثلاثة أقسام. القسم الأول يحوي أساطير تتعلق بأصل الحرفة ومغامرات مؤسسها الذي تنتمي إليه، وهي تعطى عادة حلقة من التنشيئ مثلاً: الله علم جبريل، جبريل علم محمد، محمد علم علياً، عليّ علم سلمان الفارسي، وسلمان علم الأبيار (وهم حماة أصحاب الحرف حسب تقاليدهم) والأبيار علموا الفروع (وهم الحماة الثانويون للشعب المختلفة لأصحاب الحرفة الواحدة). وهؤلاء الفروع علموا بدورهم رؤساء الأصناف العاديين. وهذه الأساطير تظهر عادة تأثيراً قوياً للإسماعيلية والصوفية. القسم الثاني: يحوي عادة قائمة بأسماء الأبيار والفروع لمختلف الحرف، وهؤلاء عادة أشخاص اقتبسوا من التوراة والقرآن ومن التاريخ الإسلامي، وهكذا نجد آدم حامي الفلاحين والخبازين، وشيت حامي الحياكة والخياطين، ونوح حامي النجارين، وداوود حامي الحدادين والصياغ وإبراهيم حامي الطباخين وإسماعيل حامي صناع الأسلحة. والقسم الثالث يحوي التعاليم لتثقيف المبتدئين، والأسئلة فيه تظهر اتصالاً قوياً بآراء الدراويش. ويمكننا من هذه الكراريس (كتب الفتوة) أن نصور نظام الطوائف لحد ما. ويحسن بنا أن نتذكر في عملنا هذا أن وثائقنا جاءت من حقل تاريخي يمتد منذ القرن الرابع عشر حتى القرن العشرين ويشمل كل البلاد الإسلامية. ومهما كان التغيير قليلاً خلال القرون، فإنه يوجد تباين محلي عظيم. لذا سنحاول أن نعطي صورة شاملة مع ملاحظة الفروق الأساسية تبعاً للمحل والزمن
يرأس الطائفة الشيخ ينتخبه الأساتذة من بين رجال الحرفة، وبعد انتخابه يكون حاكم الطائفة الأوحد ويجمع وظائف رئيس وأمين صندوق وكاتب، وهو (أي الشيخ) موجود في